أن توبة بن الحمير شهد قومه بني خفاجة وبني عوف يختصمون عند همام بن مطرف العقيلي، وكان مروان بن الحكم استعمله على صدقات بني عامر، فضرب ثور ابن سمعان بن كعب العقيلي توبة بجزر (?) ، وعلى توبة درع وبيضة، فجرح أنف البيضة وجه توبة، فأمر همام بن مطرف بثور فأقعد بين يدي توبة فقال: خذ حقك يا توبة فقال: ما كان هذا إلا عن أمرك، وما كان ليجترئ عليّ. فانصرف توبة ولم يقتص منه، وهو يقول:
إن أمكن الدهر فسوف أنتقم ... أو لا فإن العفو أدنى للكرم ثم إن توبة بلغه أن ثوراً قد خرج في نفر من أصحابه يريد ماء بتثليث [لهم] ، فتبعهم في أناس من أصحابه، حتى ذكر له أنهم عند رجل من بني عقيل يقال له سارية ابن عويمر، وكان صديقاً لتوبة، فقال توبة: لا أطرقهم وهم عند سارية، ووكل بتفقدهم رجلين من أصحابه، فقال سارية للقوم العقيليين وقد أرادوا أن يخرجوا من عنده مصبحين: " ادرعوا الليل فإنه أخفى للويل فلست آمن عليكم توبة " فلما أظلم فغشيهم هناك، فلما أن رأوهم صفوا لهم رجالهم، فزحف توبة السيهم فارتمى القوم، ثم إن توبة قال لأخيه عبد الله: ترس لي فإني قد رأيت ثوراً يكثر رفع الترس عسى أو أوفق منه مرمى، فترس له ورماه توبة فأصابه على حملة ثديه فصرعه، وانهزم أصحابه، فوضعوا فيهم السلاح حتى أثخنوهم، ومضى توبة حتى طرق سارية بن عويمر من الليل فقال: إنا قد تركنا رهطاً من قومك بالسمرات من قرون بقر، فأدركوهم فواروا موتاهم واحتملوا جرحاهم، فلحق بهم سارية وقد مات ثور، وهذا اليوم جر مقتل توبة.