عبد الملك بن مروان يوماً لحاجبه: هات بدرة، فجاء بها فوضعها بين يديه، وقال لمن حضره من وجوه العرب: أيكم أنشدني صدر هذا البيت " والعود أحمد " فله هذه البدرة. فلم يكن فيهم من يعرفه. فقال لحاجته: أخرج فانظر من بالباب من العرب، وقل لهم من ينشد صدر هذا البيت " والعود أحمد " فله جائزة، ففعل الحاجب، فقام شاب من العرب فقال: أنا، قال الحاجب: فأنشدني، قال: لا، إلا أن أشافعه أمير المؤمنين.
فدخل الحاجب فأخبره، فقال عبد الملك: هذا رجل قد طال مقامه بالباب وله حاجة، والله لئن دخل علي ولم ينشدني لأعاقبنه، أدخله. فلما دخل وسلم، قال عبد الملك: أنشدنا صدر بيتنا، فقال: يا أمير المؤمنين، حاجتي. قال: وما هي؟ قال: بنو عم لي باعوا ضيعتهم بالسواد، فأدخلوا ضيعتي في ضيعتهم. قال له عبد الملك: فإن أمير المؤمنين قد رد عليك ضيعتك، فأنشدنا صدر بيتنا. قال: نعم، يا أمير المؤمنين، قالت تميم إنه بيتها، قال أوس بن حجر:
جزينا بني شيبان صاعاً بصاعهم ... وعدنا بمثل البدء والعود أحمد قال: أخطأت. قال: يا أمير المؤمنين، أبلغني ريقي، قال: قد فعلت، قال: قالت اليمن إنه بيتها، قال امرؤ القيس:
فإن كنت قد ساءتك مني خليقة ... فعودي كما نهواك فالعود أحمد قال: أخطأت، قال: يا أمير المؤمنين، قالت ربيعة إنه بيتها، قال المرقش:
وأحسن فيما كان بيني وبينه ... وإن عاد بالإحسان فالعود أحمد قال: أصبت، وإنك لظريف، فمن أنت؟ قال: أنا زيد بن عمرو، قال: ممن (?) ؟ قال: من حي جانب عجرفية قيس وعنعنة تميم وكشكشة (?) ربيعة وصأصأة اليمن وتأنيث كنانة، أنا امرؤ من عذرة، فأمر له بالبدرة.