الحادية والستون: تناقض مذهبهم لما تركوا الحق.
قال تعالى في سورة ق: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ. بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} 1.
فقوله: {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ ... } إلخ, إضراب أتبع الإضراب الأول للدلالة على أنهم جاءوا بما هو أفظع من تعجبهم, وهو التكذيب بالحق الذي هو النبوة الثابتة بالمعجزات, في أول وهلة, من غير تفكر ولا تدبر.
{فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} مضطرب, وذلك بسبب نفيهم النبوة عن البشر بالكلية تارة, وزعمهم أن اللائق بها أهل الجاه والمال كما ينبئ عنه قولهم: {وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} 2 تارة أخرى, وزعمهم أن النبوة سحر مرة أخرى, وأنها كهانة أخرى, حيث قالوا في النبي صلى الله عليه وسلم مرة: ساحر, ومرة: كاهن, أو هو اختلاف حالهم ما بين تعجب من البعث واستبعاد له وتكذيب وتردد فيه, أو قولهم في القرآن: هو شعر تارة, وهو سحر أخرى.
وقال تعالى في الذاريات: {وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ. إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ