أخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وجماعة عن ابن مسعود، قال: «كنت مستترا بأستار الكعبة، فجاء ثلاثة نفر: قرشي وثقفيان، أو ثقفي وقرشيان، كثير لحم بطونهم، قليل فقه قلوبهم، فتكلموا بكلام لم أسمعه، فقال أحدهم: أترون الله يسمع كلامنا هذا؟ فقال الآخر: إذا رفعنا أصواتنا يسمعه، وإذا لم نرفع لم يسمع، فقال الآخر: إن سمع منه شيئا سمعه كله. قال: فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فأنزل الله تعالى: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ} [فصلت: 22] ) إلى قوله: {مِنَ الْخَاسِرِينَ} [فصلت: 23] » (?) .

فهذا هو الإلحاد في الصفات.

وأنت تعلم أن ما عليه أكثر المتكلمين المسلمين من الإلحاد في الأسماء والصفات فوق ما كان عليه أهل الجاهلية، فسموا الله بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان، ومنهم من قال: ليس لله صفات قامت به، ومنهم من قال: صفاته ليست عين ذاته ولا غيره، ومنهم من قال: إن صفاته غيره، ومنهم من قال: إن الله لم يتكلم بالكتب التي أنزلها، وأثبتوا له الكلام النفسي، وأنه لم يكلم أحدا من رسله، إلى غير ذلك من الإلحاد الذي حشوا به كتبهم، وملؤوها من الهذيان، وظنوا أن الآية مختصة بأهل الجاهلية، وما دروا أنهم الفرد الكامل لعمومها (?) على العرش استوى [طه: 5] ؟ لا حول ولا قوة إلا بالله. .

ومن بصره الله تعالى ونور قلبه أعرض عن أخذ عقائده من كتب هؤلاء الطوائف، وتلقى معرفة إلهه من كتب السلف المشتملة على نصوص الكتاب والسنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015