الدُّعَاءُ ليس كُلُّهُ جائزاً، بل فيه عُدْوَانٌ مُحَرَّم، والمَشْرُوعُ (?) لا عُدْوَانَ فيه، وأن العُدْوَانَ يَكُونُ تَارَة ًبِكَثْرَةِ الألْفَاظِ، وتَارَةً في المَعَانِي، كما فَسَّرَ الصحابة ذلك 000 ثم أورد الأحاديث المذكورة سابقاً 0
[*] قال في عون المعبود بشرح سنن أبي داود:
الْجَامِعَة لِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَة وَهِيَ مَا كَانَ لَفْظه قَلِيلاً وَمَعْنَاهُ كَثِيرًا، كما في قوله تعالى {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الآخِرَة حَسَنَة وَقِنَا عَذَاب النَّار} ومِثل الدُّعَاء بِالْعَافِيَةِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة (?)
فمن صور الاعتداء تَكْثِيرُ الكلام الذي لا دَاعِيَّ له ولا حاجة إليه، والتَّكَلِِّفِ في ذِكْرِ التَّفَاصِيلِ، كأن يدعو ربَّهُ أن يرحمه إذا وُضِعَ في اللحد تحت التراب والثرى، وكذلك أن يرحمه إذا سالت العيون وبليت اللحوم، وأن يرحمه إذا تركه الأصحاب وتولى عنه الأهل والأحباب (?)، أو يدعو على عدوه أن يُخْرِسَ الله لسانه ويُشِلَّ يده، ويُجَمِدَ الدَّمَ في عُرُوقِه000 0
ومما لا شك فيه أن النتيجة الطبيعية لهذا الاعتداء هو إصابة اَلْمُصَلِينَ بِاَلْمَلَلِ، والملل يُذْهِِبُ التَّدَبُرَ والخُشُوعِ ويُوِديِ بِاَلْمُصَلِي إلى الغَفْلَةِ، وهي حالة مَنْهِيٌّ عنها إذ لا تتناسب ومقام التَّذَلُّلِ والطَّلَبِ من الله تعالى اَلْمُطَّّلِعِ على أحوال النُّفُوسِ وما تُكِنُّهُ الصُّدُورِ 0
فَاَلإطَالَةِ اَلْمُمِلَّةِ تُرْهِقُ اَلْمُصَلِي وَتُصِيبُهُ بَاَلْمَلَلِ وَاَلْغَفْلَةِ، وَقَدْ وَرَدَ نَهْيُ اَلْغَافِلَةُ قُلُوبُهُمُ عَنْ اَلْدُّعَاءِ: