(وينسى الجذع في عينه) واحد جذوع النخل، كأن الإنسان لنقصه وحب نفسه يتوفر على تدقيق النظر في عيب أخيه فيدركه مع خفائه فيعمى به عن عيب في نفسه ظاهر لا خفاء به مثل ضرب لمن يرى الصغير من عيوب الناس ويعيرهم به وفيه من العيوب ما نسبته إليه كنسبة الجذع إلى القذاة وذلك من أقبح القبائح وأفضح الفضائح فرحم اللّه من حفظ قلبه ولسانه ولزم شأنه وكف عن عرض أخيه وأعرض عما لا يعنيه فمن حفظ هذه الوصية دامت سلامته وقلت ندامته فتسليم الأحوال لأهلها أسلم واللّه أعلى وأعلم.

(42) عدم تتبع عورات المسلمين وزلاتهم:

ومن أفضل آداب معاشرة الإخوان عدم تتبع عورات المسلمين وزلاتهم فإنه داءٌ وبيل بل إنه من قبائح الذنوب وفواحش الذنوب، لأنك إذا تتبعت عيوب أخيك المسلم أفسدته.

(حديث معاوية في صحيح أبي داود) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم.

(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إذا قال العبد هلك الناس فهو أهلَكهم.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الشافعي قال: اللبيب العاقل، هو الفطن المتغافل.

أُتيَّ ابن مسعود برجلٍ فقيل له: هذا فلانٌ تقطُرُ لحيته خمراً فقال: إنا قد نُهينا عن التجسس ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به.

(حديث أبي برزة الأسلمي في صحيح أبي داود) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: يا معشر من آمن بلسانه و لم يدخل الإيمان قلبه! لا تغتابوا المسلمين و لا تتبعوا عوراتهم فمن يتبع عوراتهم يتبع الله عورته، و من يتبع الله عورته يفضحه في بيته.

[*] قال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى: المؤمن يطلب المعاذير والمنافق يطلب الزلات.

أورد أبو عبد الرحمن السلمي رحمه الله تعالى في آداب الصحبة عن عبد الله بن محمد بن منازل يقول: " المؤمن يطلب معاذير إخوانه، والمنافق يطلب عثرات (?) إخوانه "

وأورد أبو عبد الرحمن السلمي رحمه الله تعالى في آداب الصحبة عن حمدون القصار يقول: " إذا زل أخ من إخوانكم فاطلبوا له سبعين عذرا، فإن لم تقبله قلوبكم فاعلموا أن المعيب أنفسكم؛ حيث ظهر لمسلم سبعون عذرا فلم تقبله "

وأورد ابن أبي الدنيا رحمه الله في الصمت وآداب اللسان عن عون بن عبد الله قال لا أحسب الرجل ينظر في عيوب الناس إلا من غفلة قد غفلها عن نفسه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015