(في الجنة هكذا) وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما أي أن الكافل في الجنة مع النبي صلى اللّه عليه وسلم إلا أن درجته لا تبلغ بل تقارب درجته وفي الإشارة إشارة إلى أن بين درجته والكافل قدر تفاوت ما بين المشار به ويحتمل أن المراد قرب المنزلة حال دخول الجنة أو المراد في سرعة الدخول وذلك لما فيه من حسن الخلافة للأبوين ورحمة الصغير وذلك مقصود عظيم في الشريعة ومناسبة التشبيه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم شأنه أن يبعث لقوم لا يعقلون أمر دينهم فيكون كافلاً ومرشداً لهم ومعلماً وكافل اليتيم يقوم بكفالة من لا يعقل فيرشده ويعقله وهذا تنويه عظيم بفضل قبول وصية من يوصى إليه ومحل كراهة الدخول في الوصايا أن يخاف تهمة أو ضعفاً عن القيام بحقها.
قال ابن مفلح رحمه الله تعالى في الآداب الشرعية:
كَانَ السَّلَفُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ يُذْهِبُونَ حُزْنَ الْأَيْتَامِ , وَالْأَرَامِلِ وَيُزِيلُونَ ذُلَّ الْيَتِيمِ بِأَنْوَاعِ الْبِرِّ حَتَّى صَارُوا كَالْآبَاءِ , وَالْأُمَّهَاتِ لِلْيَتِيمِ لَا يَتْرُكُونَهُ يُضَامُ وَيَتَنَاضَلُونَ عَنْهُ , وَفِي الْجُمْلَةِ الْكِرَامُ لَا يَبِينُ بَيْنَهُمْ يُتْمُ أَوْلَادِ الْجِيرَانِ وَلَا النَّازِلُ مِنْ الْقَاطِنِينَ.
أورد أبو عبد الرحمن السلمي رحمه الله تعالى في آداب الصحبة عن محمد بن المنكدر قال: " لم يبق من لذة الدنيا إلا قضاء حوائج الإخوان.
(حديث أبي موسى الثابت في الصحيحين) قال: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا أتاه طالب حاجة أقبل على جلسائه فقال: اشفعوا تؤجروا و يقضي الله على لسان نبيه ما أحب.
(حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه الثابت في صحيح النسائي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن الرجل ليسألني الشيء فأمنعه حتى تشفعوا فيه فتؤجروا.
{تنبيه}:من لم ينفع العباد بما اختصه الله من النعم فإنه عُرْضَةٌ لسلب نعم الله منه وتحويلها إلى غيره بنص السنة الصحيحة كما في الحديث الآتي:
(حديث ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا الثابت في صحيح الترغيب والترهيب) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إنَّ لِلَّهِ تَعَالَى أَقْوَامًا اخْتَصَّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ مَا بَذَلُوهَا , فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا مِنْهُمْ وَحَوَّلَهَا إلَى غَيْرِهِمْ.