قال تعالى: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَىَ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحّ نَفْسِهِ فَأُوْلََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [سورة: الحشر - الآية: 9]
قال القرطبي رحمه الله تعالى في قوله تعالى:" ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة " الإيثار: هو تقديم الغير على النفس وحظوظها الدنياوية، ورغبة في الحظوظ الدينية. وذلك ينشأ عن قوة اليقين، وتوكيد المحبة، والصبر على المشقة. يقال: آثرته بكذا، أي خصصته به وفضلته. .
قوله تعالى: " ولو كان بهم خصاصة " الخصاصة: الحاجة التي تختل بها الحال، وأصلها من الاختصاص وهو انفراد بالأمر. فالخصاصة الانفراد بالحاجة، أي لو كان بهم فاقة وحاجة.
(حديث أبي هريرة في الصحيحين) قال: جاء رجل إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إني مجهود، فأرسل إلى بعض نسائه فقالت: والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء. ثم أرسل إلى الأخرى فقالت مثل ذلك، حتى قلن كلهن مثل ذلك: لا والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء فقال: من يضيف هذا الليلة رحمة الله.؟ فقام رجل من الأنصار فقال: أنا يا رسول الله. فانطلق به إلى رحله فقال لامرأته: هل عندك شيء؟ فقالت: لا، إلا قوت صبياني. قال: فعليهم بشيء فإذا دخل ضيفنا فأطفئي السراج وأريه أنا نأكل، فإذا أهوى ليأكل فقومي إلى السراج حتى تطفئيه قال: فقعدوا وأكل الضيف. فلما أصبح غدا على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: قد عجب الله عز وجل من صنيعكم. "
(24) التحلي بفضيلة المواساة في السَنَةِ والمجاعة:
من الفضائل التي يجب على المسلم أن يتحلى بها فضيلة المواساة في السَنَةِ والمجاعة فإنها من أجلِّ القربات وأعظم الطاعات لما فيها من تفريج الكربات.
(حديث أبي موسى الأشعري في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جعلوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية فهم مني و أنا منهم.
معنى أرملوا: أي فرغ زادهم أو قارب الفراغ.
(حديث أبي سعيد في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له و من كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له، فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حقَّ لأحدٍ منا في فضل.