أورد الذهبي في سير أعلام النبلاء عن عامر بن سعد بن أبي وقاص أن أباه سعدا كان في غنم له فجاء إبنه عمر فلما رآه قال أعوذ بالله من شر هذا الراكب فلما إنتهى أليه قال يا أبة أرضيت أن تكون أعرابيا في غنمك والناس يتنازعون في الملك بالمدينة فضرب صدر عمر وقال أسكت فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول (إن الله عز وجل يحب العبد التقي الغني الخفي.
ومر الحسن بن علي صبيان معهم كسر خبز فاستضافوه فنزل فأكل معهم ثم حملهم إلى منزله فأطعمهم وكساهم وقال: اليد لهم لأنهم لا يجدون شيئا غير ما أطعموني ونحن نجد أكثر منه.
ويذكر أن أبا ذر رضي الله عنه عَيَّرَ بلالا رضي الله عنه بسواده ثم ندم فألقى بنفسه فحلف: لا رفعت رأسي حتى يطأ بلال خدي بقدمه فلم يرفع رأسه حتى فعل بلال.
وقال رجاء بن حيوة: قومت ثياب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وهو يخطب باثني عشر درهما وكانت قباء وعمامة وقميصا وسراويل ورداء وخفين وقلنسوة.
ورأى محمد بن واسع ابنا له يمشي مشية منكرة فقال: تدري بكم شريت أمك بثلاثمائة درهم وأبوك لا كثر الله في المسلمين مثله أنا وأنت تمشي هذه المشية.
وقال حمدون القصار: التواضع أن لا ترى لأحد إلى نفسك حاجة لا في الدين ولا في الدنيا.
وقال إبراهيم بن أدهم: ما سررت في إسلامي إلا ثلاث مرات: كنت في سفينة وفيها رجل مضحاك كان يقول: كنا في بلاد الترك فأخذ العلج هكذا وكان يأخذ بشعر رأسي ويهزني لأنه لم يكن في تلك السفينة أحد أحقر مني والأخرى: كنت عليلا في مسجد فدخل المؤذن وقال: اخرج فلم أطق فأخذ برجلي وجرني إلى خارج والأخرى: كنت بالشام وعلي فرو فنظرت فيه فلم أميز بين شعره وبين القمل لكثرته فسرني ذلك وفي رواية: كنت يوما جالسا فجاء إنسان فبال علي.
وقال بعضهم: رأيت في الطواف رجلا بين يديه شاكرية يمنعون الناس لأجله عن الطواف ثم رأيته بعد ذلك بمدة على جسر بغداد يسأل شيئا فتعجبت منه فقال لي: إني تكبرت في موضع يتواضع الناس فيه فابتلاني الله بالذل في موضع يترفع الناس فيه.
وبلغ عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: أن ابنا له اشترى خاتما بألف درهم فكتب إليه عمر: بلغني أنك اشتريت فصا بألف درهم فإذا أتاك كتابي فبع الخاتم وأشبع به ألف بطن واتخذ خاتما بدرهمين واجعل فصه حديدا صينيا واكتب عليه: رحم الله امرءا عرف قدر نفسه.
{تنبيه}: إن من أهم الأسباب التي تعين الإنسان على التواضع أن يمقت الإنسان نفسه في جنب الله تعالى.