(ويحوطه من ورائه) أي يحفظه ويصونه ويذب عنه ويدفع عنه من يغتابه أو يلحق به ضرراً ويعامله بالإحسان بقدر الطاقة والشفقة والنصيحة وغير ذلك قال بعض العارفين: كن رداءاً وقميصاً لأخيك المؤمن وحطه من ورائه واحفظه في نفسه وعرضه وأهله فإنك أخوه بالنص القرآني فاجعله مرآة ترى فيها نفسك فكما يزبل عنك كل أذى تكشفه لك المرآة فأزل عنه كل أذى به عن نفسه.

أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن سفيان بن عيينة عليك بالنصح لله في خلقه فلن تلقى الله بعمل أفضل منه.

أورد ابن حبان رحمه الله تعالى في روضة العقلاء عن علي بن أبي طالب رضى الله عنه قال: لا تعمل بالخديعة فإنها خلق اللئام وامحض أخاك النصيحة حسنة كانت أو قبيحه وزل معه حيث زال.

أورد ابن حبان رحمه الله تعالى في روضة العقلاء عن الحسن قال المؤمن شعبة من المؤمن وهو مرآة أخيه إن رأى منه مالا يعجبه سدده وقومه ونصحه السر والعلانية.

النصيحة سراً:

أورد ابن حبان رحمه الله تعالى في روضة العقلاء عن ابن المبارك قال كان الرجل إذا رأى من أخيه ما يكره أمره في ستر ونهاه في ستر فيؤجر في ستره ويؤجر في نهيه فأما اليوم فإذا رأى أحد من أحد ما يكره استغضب أخاه وهتك ستره.

كيفية النصيحة:

(1) أن يقصد النصح وليس التوبيخ أو التعيير بالذنب:

قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله في الفرق بين النصيحة والتعيير:

إذا أخبر أحد أخاه بعيب ليجتنبه كان ذلك حسناً لمن أُخبر بعيب من عيوبه أن يعتذر منها إن كان له منها عذر، وإن كان ذلك على وجه التوبيخ بالذنب فهو قبح مذموم.

وقيل لبعض السلف: أتحبُّ أن يخبرك أحد بعيوبك؟ فقال:"إن كان يريد أن يوبخني فلا "

فالتوبيخ والتعيير بالذنب مذموم وقد نهى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تُثَرَّبَ الأمة الزانية مع أمره بجلدها فتجلد حداً ولا تعير بالذنب ولا توبخ به. أهـ

وتأمل في الحديثين الآتيين بعين البصيرة

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: زَنَتْ الْأَمَةُ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا وَلَا يُثَرِّبْ ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا وَلَا يُثَرِّبْ ثُمَّ إِنْ زَنَتْ الثَّالِثَةَ فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ.

لا يُثَرِّب: أي لا يُعَيِّر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015