وإلا فحسن الظن مع اتباع الهوى عجز، وإن أكيس المؤمنين أكثرهم للموت ذكرا وأحسنهم لما بعده استعدادا بنص السنة الصحيحة كما في الحديث الآتي:
(حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح ابن ماجة) قال: أتيت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقلت عليك السلام، فقال لا تقل عليك السلام فإن عليك السلام تحية الميت، قلت يا رسول الله أي المؤمنين أفضل قال أحسنهم خلقا قال فأي المؤمنين أكيس قال أكثرهم للموت ذكرا وأحسنهم لما بعده استعدادا أولئك الأكياس.
وبالجملة فحسن الظن إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة، وأما مع انعقاد أسباب الهلاك فلا يتأتى إحسان الظن.
(ومن أوفى الأدلة التي تُفَرِّقُ بين بين حسن الظن بالله وبين الغرور به قال تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ يَرجُونَ رَحمَتَ اللَّهُ [البقرة:218]، فجعل هؤلاء أهل الرجاء، لا البطالين والفاسقين، وقال تعالى: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ [النحل:110] فأخبر سبحانه أنه بعد هذه الأشياء غفور رحيم لمن فعلها، فالعالم يضع الرجاء مواضعه، والجاهل المغتر يضعه في غير مواضعه.
[*] (عناصر الباب:
(أيام الصبر:
(غربة الدين ستزول وسينتشر الإسلام:
وهاك تفصيل ذلك في إيجازٍ غيرِ مُخِّل:
(المقصود بغربة الدين:
غربة أهل الله وأهل سنة رسوله بين هذا الخلق: وهي الغربة التي مدح رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهلها وأخبر عن الدين الذي جاء به أنه بدأ غريبا وأنه سيعود غريبا كما بدأ وأن أهله يصيرون غرباء وهذه الغربة قد تكون في مكان دون مكان ووقت دون وقت وبين قوم دون قوم ولكن أهل هذه الغربة هم أهل الله حقا فإنهم لم يأووا إلى غير الله ولم ينتسبوا إلى غير رسوله ولم يدعوا إلى غير ما جاء به وهم الذين فارقوا الناس أحوج ما كانوا إليهم فإذا انطلق الناس يوم القيامة مع آلهتهم بقوا في مكانهم فيقال لهم ألا تنطلقون حيث انطلق الناس فيقولون فارقنا الناس ونحن أحوج إليهم منا اليوم وإنا ننتظر ربنا الذي كنا نعبده فهذه الغربة لا وحشة على صاحبها بل «هو آنس ما يكون إذا استوحش الناس» وأشد ما تكون وحشته إذا استأنسوا فوليه الله ورسوله والذين آمنوا وإن عاداه أكثر الناس وجفوه.