وعليه فقيد العلم بالكتاب، لا سيما بدائع الفوائد في غير مظانها، وخبايا الزوايا في غير مساقها، ودراً منثورة تراها وتسمعها تحشى فواتها ... . وهكذا فإن الحفظ يضعف، والنسيان يعرض.

[*] قال الشعبي: ”إذا سمعت شيئاً، فاكتبه، ولو في الحائط”.

رواه خيثمة.

وإذا اجتمع لديك ما شاء الله أن يجتمع فرتبه في (تذكرة) أو (كناش) على الموضوعات، فإن يسعفك في أضيق الأوقات التي قد يعجز عن الإدراك فيها كبار الأثبات.

5) حفظ الرعاية:

ابذل الوسع في حفظ العلم (حفظ رعاية) بالعمل والاتباع،

[*] قال الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى:

“ويجب على طالب الحديث أن يخلص نيته في طلبه، ويكون قصده وجه الله سبحانه.

وليحذر أن يجعله سبيلاً إلى نيل الأعراض، وطريقاً إلى أخذ الأعواض، فقد جاء الوعيد لمن ابتغى ذلك بعلمه.

وليتق المفاخرة والمباهاة به، وأن يكون قصده في طلب الحديث نيل الرئاسة واتخاذ الأتباع وعقد المجالس، فإن الآفة الداخلة على العلماء أكثرها من هذا الوجه.

وليجعل حفظه للحديث حفظ رعاية لا حفظ رواية، فإن رواة العلوم كثير، ورعاتها قليل، ورب حاضر كالغائب، وعالم كالجاهل، وحامل للحديث ليس معه منه شيء إذ كان في إطراحه لحكمه بمنزلة الذاهب عن معرفته وعلمه.

وينبغي لطالب الحديث أن يتميز في عامة أموره عن طرائق العوام باستعمال آثار رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما أمكنه، وتوظيف السنن على نفسه، فإن الله تعالى يقول:”لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة”. أ. هـ.

6) تعاهد المحفوظات:

تعاهد علمك من وقت إلى آخر، فان عدم التعاهد عنوان الذهاب للعلم مهما كان.

وتدبر في (حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين) أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن عاهد عليها، أمسكها، وإن أطلقها، ذهبت.

[*] قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله:

“وفي هذا الحديث دليل على أن من لم يتعاهد علمه، ذهب عنه أي من كان، لأن علمهم كان ذلك الوقت القرآن لا غير، وإذا كان القرآن الميسر للذكر يذهب إن لم يتعاهد، فما ظنك بغيره من العلوم المعهودة؟!

وخير العلوم ما ضبط أصله، واستذكر فرعه، وقاد إلى الله تعالى، ودل على ما يرضاه” أ هـ.

[*] وقال بعضهم: كل عز لم يؤكد بعلم، فإلى ذلك مصيره أ هـ.

7) التفقه بتخريج الفروع على الأصول:

من وراء الفقه: التفقه، ومعتمله هو الذي يعلق الأحكام بمداركها الشرعية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015