[*] قال الإمام الشافعي وما أجمل ما قال:

وربَّ ظلومٍ قد كفيت بحربه ... فأوقعه المقدور أيَّ وقوعِ

فما كان لي الإسلامُ إلا تعبدًا ... وأدعيةً لا تُتَّقى بدروع

وحسبك أن ينجو الظلومُ وخلفه ... سهامُ دعاءٍ من قِسيِّ ركوع

مُرَيَّشة بالهدب من كل ساهرٍ ... منهلة أطرافها بدموع (?)

وقال:

أتهزأ بالدعاء وتزدريه ... وما تدري بما صنع الدعاءُ

سهام الليل لا تخطي ولكن ... له أمدٌ وللأمد انقضاءُ (?)

(وإذا تقطعت بك -أيها المظلوم- الأسباب، وأُغلقت في وجهك الأبواب، فاقرع أبواب السماء، وُبثَّ إلى الجبار اللأواء، فهو مفزع المظلومين، وملجأ المستضعفين، وَعَدَ بنصرة الملهوف، وإجابة المظلوم، ظَلَم رجل سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- فقال سعد: (اللهم أعم بصره، وأطل عمره، عرضه للفتن)،

(قال الراوي: فأنا رأيته بعد قد عمي بصره، وقد سقط حاجبه على عينيه من الكبر، ويقول: كبير مفتون أصابته دعوة سعد.

(فيا ويل من وجهت له سهام المظلومين، ورفعت عليه أيدي المستضعفين، فاصبر -أيها المصاب- على ما قدر، فالنصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، واليسر مع العسر، والبلاء المحض هو ما يشغلك عن ربك، وأما ما يقيمك بين يديه ففيه كمالك وعزك، وإذا أقبل اليسر، وحل الفرج، وزالت الغموم، وما أقربَ الأمر، فاحمد الله على ما كشف، ففي الحمد شكر وزيادة نِعَم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ [غافر:60].

(والشواهد على إجابة دعوة المظلوم لا تكاد تحصر، ومنها ما جاء في قصة سعد بن أبي وقاص مع أهل الكوفة لما شكوه إلى عمر بن الخطاب.

قال أبو عوانة، وجماعة: حدثنا عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال:=شكا أهل الكوفة سعدًا إلى عمر فقالوا: إنه لا يحسن أن يصلي، فقال سعد: أما أنا فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله، صلاتي العشيِّ لا أخرم منها، أركد في الأوليين، وأحذف في الأخريين.

فقال عمر: ذلك الظن بك يا أبا إسحاق.

فبعث رجلاً يسألون عنه بالكوفة، فكانوا لا يأتون مسجدًا من مساجد الكوفة إلا قالوا خيرًا، حتى أتوا على مسجد لبني عبسٍ، فقال رجل يقال له أبو سعد: أما إذا نشدتمونا بالله فإنه كان لا يعدل في القضية، ولا يقسم بالسوية، ولا يسير بالسرية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015