ينبغي أن يحافظ على قراءة القُرآن في الليل، ويكون إعتناؤه بها فيه أكثر وفي صلاة الليل أكثر؛ لأن الليل أجمع للقلب، وأبعد من الشاغلات والملهيات والتصرف في الحاجات وأصون من تطرق الرياء، وغيره من المحبطات مع ما جاء في الشرع من إيجاد الخيرات في الليل كل إسراء، وحديث النُّزول، وحديث: في الليل ساعة مستجاب فيها الدعاء كل ليلة.
وقد تظاهرة نصوص القُرآن والسُّنّة وإجماع الأمَّة على فضيلة القراءة والقيام بالليل، والحث عليه، وذلك يحصل بالكثير، والقليل، وما كثر أفضل إلا أن يستوعب الليل كله؛ فإنه يُكره الدَّوام عليه، وكذا يُكره إن أضرَّ بنفسه ما دون الجميع. (انتهى كلامه رحمه الله)
(وبينت لنا السنة الصحيحة أن قراءة القرآن في الليل منجاة من الغفلة كما في الحديث الآتي:
(حديث عبد الله بن عمرو الثابت في صحيح أبي داود) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين و من قام بمائة آية كتب من القانتين و من قام بألف آية كتب من المقنطرين.
معنى من المقنطرين: الذين يوفون أجورهم بالقنطار
(والمقصود هنا أن قراءة القرآن تذهب الغفلة عنا، وما أحوجنا لهذا في هذا العصر، وقراءة القرآن في الليل صفة من صفات المتقين لقول الله عز وجل (كَانُواْ قَلِيلاً مّن اللّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الذاريات: 17: 18]
وقد ثبت في السنة الصحيحة أن قراءة القرآن في الليل شفاعة للمؤمن يوم القيامة:
(حديث عبد الله بن عمرو الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: الصيامُ و القرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام أي رب منعته الطعام و الشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفَّعان.
(فيشفَّعان) أي فتقبل شفاعتهما.
[*] (وهذا غيضٌ من فيض ونقطةٌ من بحر مما ورد في سيرة السلف في قراءة القرآن بالليل:
[*] قال سعيد بن المسيب رحمه الله:
إن الرجل ليصلي بالليل، فيجعل الله في وجه نورا يحبه عليه كل مسلم، فيراه من لم يره قط فيقول: إن لأحبُ هذا الرجل!!.
[*] قيل للحسن البصري رحمه الله:
ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجوها؟ فقال لأنهم خلو بالرحمن فألبسهم من نوره.
[*] صلى سيد التابعين سعيد بن المسيب – رحمه الله – الفجر خمسين سنة بوضوء العشاء وكان يسرد الصوم.
[*] كان شريح بن هانئ رحمه الله يقول: