قال صاحب غنية المتملي: يكره للقوم أن يقرءوا القرآن جملة لتضمنها ترك الاستماع والإنصات وقيل: لا بأس به.

وقد أثبت المالكية القول بالكراهة في كتبهم وشنعوا على القائلين بالجواز بلا كراهة، وقد عقد ابن الحاج رحمه الله فصلاً في المدخل 1/ 94 وما بعدها رد فيه على الإمام النووي رحمه الله، وما نقله من أدلة وآثار عن السلف فليراجع.

وقال الطرطوشي في الحوادث والبدع: لم يختلف قوله -يعني الإمام مالكاً - أنهم إذا قرؤوا جماعة في سورة واحدة أنه مكروه.

ونقل عن مالك كراهة القراءة بالإدارة وقوله: وهذا لم يكن من عمل الناس.

وقال أبو الوليد ابن رشد: إنما كرهه مالك للمجاراة في حفظه والمباهاة والتقدم فيه. انتهى

ولهذا ينبغي ترك هذه الصورة الأخيرة، فإن الخير في اتباع من سلف، وحذراً من المجاراة والمباهاة واختلاط الأصوات وترك الإنصات.

والله أعلم.

(فوائد قراءة القرآن جماعة:

(1) تعهد القرآن الكريم، فهي تساعد على حفظه وضبطه ومراجعته وعدم نسيانه، وهي بذلك تحقق الاستجابة للأمر النبوي كما في الحديث الآتي:

(حديث أبي موسى في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال تعاهدوا القرآن فالذي نفسي بيده لهو أشد تفصيا من قلوب الرجال من الإبل من عقلها.

معنى تفصياً: أي تفلتاً

(حديث ابن مسعود في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال بئسما لأحدهم أن يقول: نسيت آية كيت و كيت بل هو نُسِيَ، واستذكروا القرآن فأنه أشدُّ تفصِّياً من صدور الرجال من النَّعم في عُقُلها.

معنى بل نُسِيَ: أي عوقب بالنسيان لتفريطه فاستذكار القرآن

(وقد حمل بعض المفسرين قوله تعالى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى على نسيان القرآن بعد حفظه.

إذن من فوائد هذه القراءة الجماعية التعاون على الحفظ أو المراجعة لأن المسلم الواحد لمفرده يمكن أن يضعف , ولكنه بإخوانه يتقوى.

(2) ومن فوائدها تسميع كتاب الله تعالى لمن يريد سماعه من عوام المسلمين، إذ لا يقدر العامي على تلاوته فيجد بذلك سبيلا إلى سماعه، ثم إن كثيرين حفظوا القرآن من خلال مواظبتهم على الحزب مع الجماعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015