(حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود و النسائي) أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ بيده وقال يا معاذ والله إني لأحبك والله إني لأحبك فقال أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

فجمع بين الذكر والشكر فالذكر والشكر جماع السعادة والفلاح فأكرم الخلق على الله تعالى من المتقين من لا يزال لسانه رطبا من ذكر الله إذ أن في القلب قسوة لا يزيلها ويذيبها إلا ذكر الله تعالى فحلي بنا أن ندوي قسوة القلب بذكره سبحانه وتعالى فالذكر شفاء القلب ودواؤه والغفلة مرضه

(35) مجالس الذكر سبب عظيم بل هي سبب رئيسي من أسباب حفظ اللسان:

فإن العبد لا بد له من أن يتكلم فإن رَوَّضَ نَفْسَه على الكلام بالخير صار ذلك طبعاً له لا تكلفاً فإنه من يتحرَّ الخير يُعْطَه ومن يتق الشر يُوَقَّه.

(حديث أبي هريرة في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال إنما العلم بالتعلم و إنما الحلم بالتحلم و من يتحر الخير يعطه و من يتق الشر يُوَقَّه.

إن مجالس الذكر هي أزكى المجالس وأشرفها وأنفعها وهي أعلى المجالس قدرا عند الله وأجلها مكانة عنده سبحانه وتعالى , فمجالس الذكر حياة للقلوب وزيادة للأيمان وصلاح وزكاء للعبد بخلاف مجالس الغفلة التي لا يقوم منها الجالس إلا بنقص في الإيمان وتكون عليه حسرة وندامة

من أجل ذلك كان الصحابة رضوان الله عليهم وكذلك السلف رحمهم الله يهتمون بهذه المجالس أعظم الاهتمام وغاية العناية , فكان عبد الله بن رواحة رضي الله عنه يأخذ بيد النفر من أصحابة فيقول ((تعالوا نؤمن ساعة تعالوا فلنذكر الله ونزداد إيماناً بطاعته لعله يذكرنا بمغفرته.

(فإن لم يتكلم بذكر الله وذكر أوامره بالخير والفائدة تكلم ولا بد ببعض المحرمات من غيبة ونميمة , فمن عود لسانه على ذكر الله صان لسانه عن الباطل واللغو فلا سبيل إلي السلامة منها البتة إلا بذكر الله تعالى.

[*] قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

والمشاهدة والتجربة شاهدان بذلك فمن عود لسانه ذكر الله صان لسانه عن الباطل واللغو ومن يبس لسانه عن ذكر الله ترطب بكل باطل ولغو وفحش ولا حول ولا قوة إلا بالله.

[*] قال مكحول: ذكر الله شفاء وذكر الناس داء.

نسأل الله أن يشغل مجالسنا بذكره وشكره وحسن عبادته وأن يقينا من مجالس الغفلة وللهو والباطل.

(36) أن الذكر ينبه القلب من نومه ويوقظه من سنته:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015