(تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ): "تطمئن بإحساسها بالصلة بالله والأنس بجواره والأمن في جانبه وحماه، تطمئن من قلق الوحدة وحيرة الطريق بإدراك الحكمة في الخلق والمبدأ والمصير وتطمئن بالشعور بالحماية من كل اعتداء ومن كل شر إلا بما يشاء الله مع الرضى بالابتلاء والصبر على البلاء {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} ذلك الاطمئنان بذكر الله في قلوب المؤمنين حقيقة عميقة، يعرفها الذين خالطت بشاشة الإيمان قلوبهم فاتصلت بالله، يعرفونها، ولا يملكون بالكلمات أن ينقلوها إلى الآخرين الذين لم يعرفوها؛ لأنها لا تنقل بالكلمات، إنما تسري في القلب فيستروحها ويهشّ لها ويندَى بها ويستريح إليها ويستشعر الطمأنينة والسلام ويحس أنه في هذا الوجود ليس مفردًا بلا أنيس، فكل ما حوله صديق إذ كل ما حوله من صنع الله الذي هو في حماه".

إن هناك لحظاتٍ في الحياة لا يصمد لها بشرٌ إلا أن يكون مرتكنًا إلى الله مطمئنًا إلى حماه، مهما أوتي من القوة والثبات والصلابة والاعتداد، ففي الحياة لحظاتٌ تعصف بهذا كله فلا يصمد لها إلا المطمئنون بالله {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} .. هؤلاء المنيبون إلى الله المطمئنون بذكر الله يحسن الله مآبهم عنده كما أحسنوا الإنابة إليه وكما أحسنوا العمل في الحياة

والحقيقة أن هناك مواقف سطَّرها التاريخ بأحرف من نور لدعاة كثيرين، كلها تؤيد هذا المعنى، وما كانوا ليصلوا لذلك المستوى وهذه الدرجة إلا بذكرهم لله الذي نتج عنه هذه الطمأنينة الهائلة التي صمدت أمام مواقف تتزلزل لها الجبال.

وإذا كان المراد بالذكر هنا" القرآن الكريم"- وهو الأصح- فإن القرآن هو الذي تكون به " طمأنينة قلوب المؤمنين؛ فإن القلب لا يطمئن إلا بالإيمان واليقين، لا سبيل إلى حصول الإيمان واليقين إلا من القرآن؛ فإن سكون القلب وطمأنينته من يقينه، واضطرابه وقلقه من شكره " [تهذيب المدارج ص:503]، فمن تعلّق بالقرآن وجد فيه قناعة العقل، وسكينة النفس، وسكون القلب بالأمن والإيمان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015