(حديث الحارث الأشعري رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بهن وأن يأمر بني اسرائيل أن يعملوا بهن فكأنه أبطأ بهن فأوحى الله الى عيسى: إما أن يبلغهن أو تبلغهن فأتاه عيسى فقال له انك أمرت بخمس كلمات أن تعمل بهن وتأمر بني اسرائيل أن يعملوا بهن فإما أن تبلغهن وإما أن أبلغهن فقال له يا روح الله ان أخشى ان سبقتني أن أعذب أو يخسف بي فجمع يحيى بني اسرائيل في بيت المقدس حتى امتلأ المسجد فقعد على الشرفات فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن وآمركم أن تعملوا بهن , ثم ذكر التوحيد والصلاة والصيام والصدقة

ثم ذكر الخامسة: وأمركم بذكر الله كثيرا ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصنا حصينا فأحرز نفسه فيه , وان العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله تعالى.

فهذا الحديث مشتمل على فضيلة عظيمة للذكر, وأنه يطرد الشيطان وينجي منه, وأنه بمثابة الحصن الحصين والحرز المكين الذي لا يحرز العبد نفسه من هذا العدو اللدود إلا به.

[*] قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

فلو لم يكن في الذكر إلا هذه الخصلة الواحدة لكان حقيقا بالعبد أن لا يفتر لسانه من ذكر الله تعالى فانه لا يحرز نفسه من عدوه الا بالذكر ولا يدخل عليه العدو الا من باب الغفلة فهو يرصده فإذا غفل وثب عليه وافترسه وإذا ذكر الله تعالى انخنس عدو الله وتصاغر وانقمع حتى يكون كالذباب ولهذا سمي الوسواس الخناس أي يوسوس في الصدور فإذا ذكر الله تعالى خنس أي كف وانقبض.

وقال ابن عباس رضي الله عنه: الشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإذا سها وغفل وسوس , فإذا ذكر الله خنس. الوابل الصيب

(حديث أبي المليح في صحيح أبي داود) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: لا تقل تعس الشيطان فإنه يعظم حتى يصير مثل البيت و يقول: بقوتي صرعته و لكن قل: باسم الله فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى يصير مثل الذباب.

[*] وحكى ابن القيم رحمه الله عن بعض السلف:

أنهم قالوا: إذا تمكن الذكر من القلب، فإن دنا منه الشيطان صرعه الإنسي كما يصرع الإنسان إذا دنا منه الشيطان، فيجتمع عليه الشياطين فيقولون: ما لهذا؟ فيقال: قد مسه الإنسي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015