(معنى المفردين:

قال ابن قتيبة: " الذين هلك أقرانهم وانفردوا عنهم فبقوا يذكرون الله تعالى "، وقال ابن الأعرابي: " فرد الرجل إذا تفقه واعتزل وخلا بمراعاة الأمر والنهي "، وأما الأزهري فقال: " هم المتخلقون من الناس بذكر الله تعالى " [انظر مسلم بشرح النووي17/ 4 والمفهم 7/ 9] والمقصود أنهم متميزون عن غيرهم، ومنفردين عن سواهم بخصلة مهمة جعلتهم السابقين ألا وهي كثرة الذكر.

[*] قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات يذكرون الله في أدبار الصلوات، وغدوًا وعشيًا أي صباحًا ومساءً، وفي المضاجع أي عند النوم، وكلما استيقظ من نومه، وكلما غدا أو راح من منزله أي في دخوله وخروجه والمعنى أنهم يذكرون الله في جميع أحوالهم.

[*] قال ابن الصلاح:

إذا واظب المسلم على الأذكار المأثورة الثابتة صباحا ومساءً، وفي الأوقات والأحوال المختلفة ليلا ونهارًا كان من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات، وفي الحديث الذي رواه الأربعة

(بيان حقيقة السابقين:

[*] قال الحافظ ابن رجب الحنبلي:

«ومن هذا السياق يظهر وجه ذكر السابقين في هذا الحديث؛ فإنه لما سبق الركب، وتخلف بعضهم؛ نبه على أن السابقين هم الذين يديمون ذكر الله، ويولعون به، ومن هذا المعنى قول عمر بن عبد العزيز ليلة عرفة بعرفة عند قرب الإفاضة: «ليس السابق اليوم من سبق بعيره، وإنما السابق من غفر له»

{تنبيه}: (حقيقة الانفراد عن الأقران والتميز عن الخلان المداومة على طاعة الرحمن؛ فإن المنفردين هم الذين هلك أقرانهم، وبقوا يذكرون الله.

ولذلك حض الله –سبحانه وتعالى- على المسارعة إلى الخيرات، واستباق الصالحات والتنافس في الطاعات؛ كما في قوله تعالى: (وَلِكُلّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً إِنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [البقرة/ 148]

وقوله تعالى: (وَسَارِعُوَاْ إِلَىَ مَغْفِرَةٍ مّن رّبّكُمْ وَجَنّةٍ عَرْضُهَا السّمَاوَاتُ وَالأرْضُ أُعِدّتْ لِلْمُتّقِينَ) [آل عمران/ 133]

وقوله تعالى قال تعالى: (لِكُلّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَآءَ اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمّةً وَاحِدَةً وَلََكِن لّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَىَ الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) [المائدة / 48]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015