أي: كثيراً. ففيه الأمر بالذكر بالكثرة والشدة لشدة حاجة العبد إليه، وعدم استغنائه عنه طرفة عين، فالإنسان لا يستغني لا يستغني عن ربه طرفة عين ولا أقل من ذلك، ولهذا كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يردد كثيرا: " لا تكلني إلى نفسي طرفة عين.
(حديث أبي بكرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين و أصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت.
فقيراً جئتُ بابك يا إلهي ......... ولستُ إلى عبادك بالفقيرِ
غنياً عنهمُ بيقينِ قلبي ........... وأطمعُ منك في لفضلِ الكبيرِ
الهي ما سألتُ سواك عونا ...... فحسبي العونُ من ربٍ قديرِ
الهي ما سألتُ سواك عفوا ..... فحسبي العفوُ من ربٍ غفورِ
الهي ما سألتُ سواك هديا ..... فحسبي الهديُ من ربٍ بصيرِ
إذا لم أستعن بك يا الهي ...... فمن عونيِ سواك ومن مجيرِ
إن الفرار إلى الله، واللجوء إليه في كلِ حالٍ وفي كل كربٍ وهم، هو السبيلُ للتخلصَ من ضعفنا وفتورنا وذلنا و هواننا.
يا من يرى ما في الضمير و يسمعوا
أنت المعد لكل ما يتوقعٌ
يا من يرجى للشدائد كلها
يا من إليه المشتكي و المفزعٌ
يا من خزائن رزقه في قول كن فيكون
و الخير كله عندك أجمعٌ
مالي سواء فقري إليك وسيلة
فالافتقار إليك فقري إليك أرفعٌ
مالي سواء قرعي لبابك حيلة
فلئن رددت أي باب أقرعٌ
و من ذا الذي أدعوه و أهتف باسمه
إن كان فضلك عن فقيرك يمنعٌ
إن في هذه الدنيا مصائبَ ورزايا، ومحناً وبلايا، آلامُ تضيقُ بها النفوس، ومزعجاتُ تورث الخوفَ والجزع، كم في الدنيا من عينٍ باكيةٍ؟
وكم فيها من قلب حزين؟
وكم فيها من الضعفاءِ والمعدومين، قلوبُهم تشتعل، ودموعُهم تسيل؟ هذا يَشْكُ علةً وسقما، عزيزٌ قد ذل، وغنيٌ افتقر، وصحيحٌ مرض، رجل يتبرم من زوجه وولده، وآخرُ يشكُ ويئنُ من ظلمِ سيده.
وثالثٌ كسدة وبارت تجارته، شاب أو فتاة يبحث عن عروس، وطالب يشكو كثرة الامتحانات والدروس.
هذا مسحور وذاك مدين، وأخر ابتليَ بالإدمان والتدخين، ورابعُ أصابه الخوفُ ووسوسةُ الشياطين.
وذاك حاجةً وفقرا.
وآخر هماً وقلقا.
تلك هي الدنيا، تضحكُ وتبكي، وتجمعُ وتشتت، شدةُ ورخاءُ وسراءٌ وضراءُ.
وصدق الله العظيم: (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ). [الحديد / 23]