ومن المعلوم شرعاً أن قلوب البشر طراً كغيرها من الكائنات الحية، التي لا غنى لها عن أي مادة من المواد التي بها قوام الحياة والنماء، ويتفق العقلاء جميعاً أن القلوب قد تصدأ كما يصدأ الحديد، وأنها تظمأ كما يظمأ الزرع، وتجف كما يجف الضرع، ولذا فهي تحتاج إلى تذليل وري، يزيلان عنها الأصداء والظمأ، والمرء في هذه الحياة محاط بالأعداء من كل جانب، نفسه الأمارة بالسوء تورده موارد الهلكة، وكذا هواه وشيطانه، فهو بحاجة ماسة إلى ما يحرزه ويؤمنه، ويسكن مخاوفه، ويطمئن قلبه، وإن من أكثر ما يزيل تلك الأدواء، ويحرز من الأعداء ذكر الله والإكثار منه لخالقها ومعبودها، فهو جلاء القلوب وصقالها، ودواءها إذا غشيها اعتلالها،

(ولهذا زين الله به ألسنة الذاكرين كما زين بالنور أبصار الناظرين، فاللسان الغافل

كالعين العمياء، والأذن الصماء واليد الشلاء.

وهو باب الله الأعظم بينه وبين عبده ما لم يغلقه العبد بغفلته،

[*] قال الحسن البصري رحمه الله تعالى:

" تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء: في الصلاة وفي الذكر وقراءة القرآن، فإن وجدتم وإلا فاعلموا أن الباب مغلق، له لذة لا يدركها إلا من ذاقها

[*] قال مالك بن دينار: وما تلذذ المتلذذون بمثل ذكر الله عز وجل، فليس شيء من الأعمال أخف مئونة منه ولا أعظم لذة ولا أكثر فرحة وابتهاجا للقلب من ذكر الله.

، عَبِّر عنها أحدهم فقال: "والله إنا لفي لذة لو علمها الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015