قلبه للسانه: نسي في جنب ذكره كل شيء وحفظ الله عليه كل شيء وكان له عوضا من كل شيء به يزول الوقر عن الأسماع والبكم عن الألسن وتنقشع الظلمة عن الأبصار زين الله به ألسنة الذاكرين كما زين بالنور أبصار الناظرين فاللسان الغافل: كالعين العمياء والأذن الصماء واليد الشلاء وهو باب الله الأعظم المفتوح بينه وبين عبده ما لم يغلقه العبد بغفلته قال الحسن البصري رحمه الله: تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء: في الصلاة وفي الذكر وقراءة القرآن فإن وجدتم وإلا فاعلموا أن الباب مغلق، وبالذكر: يصرع العبد الشيطان كما يصرع الشيطان أهل الغفلة والنسيان قال بعض السلف: إذا تمكن الذكر من القلب فإن دنا منه الشيطان صرعه كما يصرع الإنسان إذا دنا منه الشيطان فيجتمع عليه الشياطين فيقولون: ما لهذا فيقال: قد مسه الإنسي وهو روح الأعمال الصالحة فإذا خلا العمل عن الذكر كان كالجسد الذي لا روح فيه.
(تعريف الذكر:
الذكر: ضد الغفلة والنسيان، والغفلة: ترك الذكر عمداً، وأما النسيان: فتركه عن غير عمد.
ولذا فالغفلة مذكورة في القرآن الكريم في معرض النهي والتحذير كما في قوله تعالى (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ) [الأعراف:20]
وكقوله جل وعلا: (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (الكهف/28)
بينما النسيان ليس كذلك لعدم صدوره عن قصد ومن هنا جاء التوجيه القرآني العظيم {وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} (الكهف/24)
والذكر يشمل معنيين:
الأول: بمعنى التذكر واستحضار الشيء في الذهن كقولك ذكرت حادثة كذا وكذا إذا استحضرتها في ذهنك، ومرت دقائقها بمخيلتك، وهذا المعنى ضد النسيان، ومنه قوله تعالى {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (آل عمران/135)
فأصل الذكر: التنبه بالقلب للمذكور والتيقظ له ومنه قوله تعالى: {َ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ِ} [البقرة/40]
أي تذكروها [المفهم7/ 6].