وتأمل أحوال كل شقي ومغتر ومدبر: كيف تجد قلة الأدب هي التي ساقته إلى الحرمان وانظر قلة أدب عوف مع خالد: كيف حرمه السلب بعد أن برد بيديه وانظر أدب الصديق رضي الله عنه مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصلاة: أن يتقدم بين يديه فقال: ما كان ينبغي لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كيف أورثه مقامه والإمامة بالأمة بعده فكان ذلك التأخر إلى خلفه وقد أومأ إليه أن: اثبت مكانك جمزا وسعيا

(أقوال السلف في الأدب:

قال أبو علي الدقاق: العبد يصل بطاعة الله إلى الجنة ويصل بأدبه في طاعته إلى الله، وقال: رأيت من أراد أن يمد يده في الصلاة إلى أنفه فقبض على يده.

وقال ابن عطاء: الأدب الوقوف مع المستحسنات فقيل له: وما معناه فقال: أن تعامله سبحانه بالأدب سرا وعلنا ثم أنشد

إذا نطقت جاءت بكل ملاحة وإن سكتت جاءت بكل مليح

وقال أبو علي: من صاحب الملوك بغير أدب أسلمه الجهل إلى القتل.

وقال يحيى بن معاذ: إذا ترك العارف أدبه مع معروفه فقد هلك مع الهالكين.

وقال أبو علي: ترك الأدب يوجب الطرد فمن أساء الأدب على البساط رد إلى الباب ومن أساء الأدب على الباب رد إلى سياسة الدواب.

وقال يحيى بن معاذ: من تأدب بأدب الله صار من أهل محبة الله وقال ابن المبارك: نحن إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم

وسئل الحسن البصري رحمه الله عن أنفع الأدب فقال: التفقه في الدين والزهد في الدنيا والمعرفة بما لله عليك.

وقال سهل: القوم استعانوا بالله على مراد الله وصبروا لله على آداب الله.

وقال ابن المبارك: طلبنا الأدب حين فاتنا المؤدبون وقال: «الأدب للعارف كالتوبة للمستأنف»

وقال أبو حفص لما قال له الجنيد: لقد أدبت أصحابك أدب السلاطين فقال: حسن الأدب في الظاهر عنوان حسن الأدب في الباطن فالأدب مع الله حسن الصحبة معه بإيقاع الحركات الظاهرة والباطنة على مقتضى التعظيم والإجلال والحياء كحال مجالس الملوك ومصاحبهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015