وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة: 54] لما كان الذل منهم ذل رحمة وعطف وشفقة وإخبات عداه بأداة على تضمينا لمعاني هذه الأفعال فإنه لم يرد به ذل الهوان الذي صاحبه ذليل وإنما هو ذل اللين والانقياد الذي صاحبه ذلول فالمؤمن ذلول كما في الحديث: "المؤمن كالجمل الذلول والمنافق والفاسق ذليل وأربعة يعشقهم الذل أشد العشق: الكذاب والنمام والبخيل والجبار" وقوله: {أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} هو من عزة القوة والمنعة والغلبة قال عطاء رضي الله عنه: للمؤمنين كالوالد لولده وعلى الكافرين كالسبع على فريسته كما قال في الآية الأخرى: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29] وهذا عكس حال من قيل فيهم:

كبر علينا وجبنا عن عدوكم لبئست الخلتان الكبر والجبن

قال تعالى: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [سورة: الشعراء - الآية: 215]

وتأمل في الأحاديث الآتية بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيها واجعل لها من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيها من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.

(حديث عِياضِ بن حمار في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد و لا يبغي أحد على أحد

(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ما نقصت صدقة من مال و ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا و ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله.

(حديث أنس في الصحيحين) أنه مرَّ على صبيان فسلَّم عليهم وقال: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يفعله.

(حديث الأسود بن يزيد في صحيح البخاري) قال سُئلت عائشةُ رضي الله تعالى عنها ما كان يصنع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة.

(حديث أبي هريرة في صحيح البخاري) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم، قال أصحابه وأنت؟ فقال نعم كنت أرعاها على قراريط َ لأهل مكة.

(حديث أبي هريرة في صحيح البخاري) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: لو دُعِيتُ إلى ذراعٍ أو كُرَاعٍ لأجبت و لو أُهْدِيَ إليَّ ذراعٍ أو كُرَاعٍ لقبلت ... .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015