* ومن ثم روى البخاري معلقا (وقال عمر بن عبد العزيز: كانت الهدية في زمن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هدية، واليوم رشوة).

،قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وصله ابن سعد بقصة فيه، فروى من طريق فرات بن مسلم قال: اشتهى عمر بن عبد العزيز التفاح فلم يجد في بيته شيئا يشتري به فركبنا معه فتلقاه غلمان الدير بأطباق تفاح فتناول واحدة فشمها ثم رد الأطباق فقلت له في ذلك: لا حاجة لي فيه، فقلت: ألم يكن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقبل الهدية؟ فقال: إنها لأولئك هدية، وهي للعمال بعدهم رشوة.

وأخرج عبد الرزاق في المصنف بإسناد صحيح لغيره عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: السحت الرشوة في الدين. قال سفيان: يعني الحكم. (المصنف:14664)،وانظر السنن الكبرى للبيهقي (10/ 139)

وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة:

((حديث عبد اله بن عمرو رضي الله عنهما الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: لعن الله الراشي و المرتشي.

[*] قال صاحب عون المعبود شرح سنن أبي داوود:

قيل الرشوة ما يعطى لإبطال حق أو لإحقاق باطل أما إذا أعطى ليتوصل به إلى حق أو ليدفع به عن نفسه ظلما فلا بأس به وكذا الآخذ إذا أخذ ليسعى في إصابة صاحب الحق فلا بأس به لكن هذا ينبغي أن يكون في غير القضاة والولاة لأن السعي في إصابة الحق إلى مستحقه ودفع الظالم عن المظلوم واجب عليهم فلا يجوز لهم الأخذ عليه.

(وكذلك إذا كانت الهدية شيئا مسروقا أو شيئا محرما فلا تقبل لما في ذلك من أكل الحرام والمعاونة على الإثم والعدوان.

(وكذلك إذا كانت الهدية إنما أهداها صاحبها لأخذ أكثر منها وإن لم يأخذ أكثر منها يتسخط، فإذا عرف من عادته هذا فَلَك ـ والله أعلم ـ أن تتوقف في قبول هديته.

وقد قال تعالى: (وَمَآ آتَيْتُمْ مّن رّباً لّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النّاسِ فَلاَ يَرْبُو عِندَ اللّهِ) [الروم: 39]. وهذا في مثل هذا الموطن، في رجل يهدي وينتظر من المهدي إليه أضعاف ما يقدمه له.

(أو إن كان المهدي يعتبر هديته بمثابة الدين عليك ن وأنت لا تريد أن تتحمل دينا شرعيا ولا عرفا، فَلَك في مثل هذه الحالة أن تتوقف مع اعتذار لطيف للمهدي، اعتذار لا يكسر له خاطر ولا يشوش عليه فكرا.

(وكذلك إذا كان المهدي منان يمن بهديته ويتحدث بها فلك في مثل هذه الحال أن تتوقف.

وكل هذا يقدر بقدره والأصل استحباب الهدية واستحباب قبولها والإثابة عليها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015