هذا هو حقيقة الزهد فالزاهد لا يفرح من الدنيا بموجود، ولا يأسف منها على مفقود امتثالاً لقوله تعالى: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد: 23]

[*] وقال الحسن: ليس الزهد بإضاعة المال ولا بتحريم الحلال، ولكن أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يد نفسك، وأن تكون حالك في المصيبة، وحالك إذا لم تصب بها سواء، وأن يكون مادحك وذامك في الحق سواء.

ويشهد لذلك الأحاديث الآتية:

(حديث عمرو بن العاص في صحيح الأدب المفرد) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: نعم المال الصالح للمرء الصالح.

(حديث يسار بن عُبيد في صحيح ابن ماجة) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: لا بأس بالغنى لمن اتقى و الصحة لمن اتقى خير من الغنى و طيب النفس من النعيم.

(حديث أبي كبشة الأنماري في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إِنَّمَا الدُّنْيَا لأَرْبَعَةِ نَفَرٍ عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالاً وَعِلْماً فَهُوَ يَتَّقِى فِيهِ رَبَّهُ وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فَهَذَا بِأَحسنِ الْمَنَازِلِ عند الله وَرجلٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْماً وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالاً فَهُوَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لي مَالاً لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلاَنٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ وهما في الأجرِسَوَاءٌ، وَرجلٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالاً وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْماً فَهُوَ يَخْبِطُ في مَالِهِ لاَ يَتَّقِى فِيهِ رَبَّهُ وَلاَ يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَلاَ يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فهو بِأَسوءِ الْمَنَازِلِ عند الله وَرجلٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالاً وَلاَ عِلْماً فَهُوَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لي مَالاً لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلاَنٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ وهما في الوزر سَوَاءٌ.

هذه هي حقيقة الزهد، وعلى هذا فقد يكون العبد أغنى الناس لكنه من أزهدهم؛ لأنه لم يتعلق قلبه بالدنيا، وقد يكون آخر أفقر الناس وليس له في الزهد نصيب؛ لأن قلبه يتقطع على الدنيا.

مسألة: هل الزهد لبس الثياب المرقعة، وصيام الدهر، والابتعاد عن المجتمع، أو غير ذلك؟

الجواب:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015