[*] قال الحسن رحمه الله تعالى: ابن آدم، إنك بين مطيتين يوضعانك: الليل إلى النهار، والنهار إلى الليل، حتى يسلمانك إلى الآخرة. فمن أعظم خطراً منك؟.

ياهذا، إنك لم تزل في هدم عمرك منذ خرجت من بطن أمك. وإنما أنت أيام معدودة، كلما ذهب يوم ذهب بعضك.

[*] وسأل الفضيل رجلاً: كم أتت عليك؟ قال: ستون سنة. فقال: فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك، ويوشك أن تبلغ. فقال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون.

[*] وكان يزيد الرقاشي يقول لنفسه: ويحك يا يزيد، من ذا الذي يصلي عنك بعد الموت؟ من ذا الذي يصوم عنك بعد الموت؟ من ذا الذي يرضي ربك عنك بعد الموت؟ ثم يقول: أيها الناس، ألا تبكون وتنوحون على أنفسكم باقي حياتكم؟.

ولله در القائل:

إذا كنت أعلم علماً يقيناً ... بأن جميع حياتي كساعة

فلم لا أكون ضنيناً بها ... وأجعلها في صلاح وطاعة؟

طوبى لمن سمع ووعى، وحقق ما ادَّعى، ونهى النفس عن الهوى، وعلم أن الفائز من ارعوى، وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، اللَّهُمَّ يا فالقَ الحب والنَّوَى، يا مُنْشِئَ الأجْسَادِ بَعْدَ البلَى , وفقنا لحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى وأن نتذكر الموت والبلى فنستحي من الله حق الحيا.

(والمحاسبة تصدر من التأمل في هذه النصوص:

قال تعالى: (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النّاسُ أَشْتَاتاً لّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ * فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرّةٍ خَيْراً يَرَهُ) [الزلزلة 6: 7]

والمحاسبة انطلاقاً من آثار قوله تعالى: (يَوْمَ تَجِدُ كُلّ نَفْسٍ مّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدّ لَوْ أَنّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَاً بَعِيداً وَيُحَذّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ) [آل عمران: 30]

والمحاسبة تنطلق من الإيمان باليوم الآخر وأن الله يحاسب فيه الخلائق وقد حذرنا الله ذلك اليوم فقال تعالى: (وَاتّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمّ تُوَفّىَ كُلّ نَفْسٍ مّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) [البقرة: 281]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015