وسمى الله تعالى الدعاء عبادة، و تكفل بالإجابة لمن دعا، (وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ). [سورة التوبة، الآية: 111]. (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً). [سورة النساء، الآية: 122]. فقد قال سبحانه: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ). [سورة البقرة، الآية: 186].
(وقد سأل أعرابي الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله، أقريب ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟! فسكت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأنزل الله: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ). [سورة البقرة، الآية: 186].
[*] قال ابن كثير في تفسيره على الآية: المراد أنَّه تعالى لا يُخَيِّبُ دُعَاءَ دَاعٍ ولا يُشْغَلُهُ عنه شيء، بل هو سَمِيعُ الدُّعَاءِ، ففيه تَرْغِيبٌ في الدُّعَاءِ وأنه لا يَضِيعُ لَدَيْهِ سُبْحَانَهُ0
{تنبيه}: (قول الله جل وعلا: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ
(في هذه الآية لفتة عجيبة ينبغي أن ننتبه وأن نلتفت إليها:
ما سئل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن سؤال إلا وكان الجواب من الله تعالى على رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله جل وعلا: قل يا محمد كذا وكذا قال الله: يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ [البقرة:189] .. وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ [البقرة:219] .. يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ [البقرة:217] .. وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً [البقرة:222] .. يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ [الأنفال:1] .. يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ [الأحزاب:63]
(إلا في هذه الآية، فلم يقل ربنا جل وعلا لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وإذا سألك عبادي عني فقل، لا والله، وإنما تولى الله جل وعلا بذاته العلية الإجابة على عباده، فقال سبحانه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ [البقرة:186] ولم يقل: قل: يا محمد إني قريب،
لماذا؟