حبب إلي من الدنيا الطيب والنساء: إذاً هناك أشياء في الدنيا محبتها ليست من الشرك لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحبها، ولذلك يجوز للإنسان أن يحب أشياء من الدنيا مادامت ليست محرمة، فلا يجوز أن يحب المرء الزنا والرشوة والخمر، ولكن يحب زوجاته والزرع والطيب و أكلة معينة، هذا حب طبيعي، لكن إذا طغى هذا الحب على محبة الله، فضحى بمرضاة الله من أجل الزوجة وسرق من أجل الطيب، فهنا تكون هذه المحبة الدنيوية معصية غير جائزة، وهناك محبة شركية تُخرج عن الملة، إذا أحب غير الله أكثر من الله، محبة عبودية فهنا يخرج عن الدين.
مسألة: ما هي المحبة وما لوازمها وما هي أنواعها؟
المقصود بالمحبة: هو استقرار حب الله تعالى في قلب العبد، وبعد أن يستقر حب الله في القلب ينبغي أن يدل على صدق المحبة بالتقرب إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة وامتثال أمره واجتناب نهيه.
[وأجمع ما قيل في المحبة]
[*] قال أبو بكر الكتاني: جرت مسألة في المحبة بمكة أعزها الله تعالى أيام الموسم _ فتكلم الشيوخ فيها _ وكان الجُنَيد بن محمد أصغرهم سناً فقالوا: هات ما عندك يا عراقي، فأطرق رأسه ودمعت عيناه ثم قال: عبدٌ ذاهبٌ عن نفسه متصلٌ بذكر ربه، قائمٌ بأداء حقوقه، ناظرٌ إليه بقلبه، أحرقت قلبُه أنوار هيبته، فإذا تكلم فبالله وإذا تحرك فبأمر الله وإذا سكن فمع الله، فهو بالله ولله ومع الله، فبكى الشيوخ وقالوا ما على هذا مزيد، جزاك الله خيراً يا تاج العارفين.
{تنبيه}: (إن الذي يمعن النظر قي قول الجُنَيد بن محمد رحمه الله تعالى يجد أن المحبة أصل الأعمال كلها وإليك تفصيل ذلك:
[عبدٌ ذاهبٌ عن نفسه متصلٌ بذكر ربه]: أي منشغلٌ بذكر الله تعالى عن نفسه
[ناظرٌ إليه بقلبه]: وهذا مقام الإحسان
[أحرقت قلبُه أنوار هيبته] تضمنت خوف العبودية والتعظيم
[فإذا تكلم فبالله وإذا تحرك فبأمر الله وإذا سكن فمع الله، فهو بالله ولله ومع الله] تضمنت ذكر الله وامتثال أوامره واجتناب نهيه في السكون والحركة.
ولا شك أن عبادة الله مبنية على المحبة، بل هي حقيقة العبادة، إذ لو تعبدت بدون محبة صارت عبادتك قشراً لا روح فيها، فإذا كان الإنسان في قلبه محبة لله وللوصول إلى جنته، فسوف يسلك الطريق الموصل إلى ذلك.
[*] (لوازم محبة الله تعالى:
[1] إفراد محبة العبودية به سبحانه وتعالى وأن من أشرك مع الله تعالى شيئاً آخر في محبة العبودية كان ذلك شركاً.