كما أمره أن يخاطب الناس يدعوهم للاستقامة: ” قال تعالى: (قُلْ إِنّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ يُوحَىَ إِلَيّ أَنّمَآ إِلََهُكُمْ إِلََهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوَاْ إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لّلْمُشْرِكِينَ) [فصلت: 6] وهكذا يتضح الطريق أمام المؤمن .. فليس له أن يسلك طريقا سواه .. أدع .. استقم كما أُمرت .. ولا تَتبع أهواء الكافرين والفاسقين والمنافقين .. ثم الحذر أن تزل القدم بالفتنة فيزيغ المرء عن الصراط المستقيم .. ففيما أنزل الله على رسوله الحق .. كل الحق .. وليس غير الحق. ومن ثم تكون الاستقامة خير من ألف كرامة.

(3) إن الاستقامة من شأنها أن ترقى بالإنسان، وتصل به إلى الذُّرْوَةِ من الكمال، وتحفظ عقله وقلبه من أن يتطرق إليهما الفساد، وتصون نفسه من التردي في حمأة الرذيلة.

وإذا سيطرت الرغبة في الاستقامة على جماعة وسادت بينهم، حسنت أحوالهم، واستقامت أمورهم، وعمهم الأمن والسلام، وإذا ضعفت الرغبة في الاستقامة ضعف الإقبال على الخير، وعظم التورط في الإثم وفشا المنكر، وتعرض الفرد والجماعة للانحراف والخطايا والانحلال الذي يعقبه سلب الحرية والاستقلال.

ولهذا اهتم الإسلام بالاستقامة اهتمامًا كبيرا، وأولاها عناية خاصة، لأنها الاستقامة تجمع الدين كله ولهذا أوصى بها النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكانت دليلاً أوفى على جوامع كَلِمِه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما في الحديث الآتي:

(حديث سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أنه قال للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ؟ قَالَ: قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ ثم اسْتَقِمْ.

(حديث ثوبان رضي الله عنه الثابت في صحيح ابن ماجه) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: استقيموا ولن تحصوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن.

(حقيقة الاستقامة:

الاستقامة تتضمن في الشرع أمرين:

(1) السَّير على الطريق.

(2) الاستمرار و الثبات عليه حتى الممات.

فالأول: السير على الطريق:

وهذا المعنى يُفَسِّرُهُ قوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ)) [آل عمران:102].

اتقوه حق التقوى بحسب الاستطاعة، قال تعالى: ((فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)) [التغابن:16].

والثاني: الاستمرار والثبات عليه حتى الممات:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015