الاستقامة والالتزام والتدين هو هذه المعاملة التي نلقاها من المتدينين .. الناس عندهم هذا المبدأ وهم لا يميزون، ليتهم يعرفون الرجال بالحق، لكنهم مع الأسف يعرفون الحق بالرجال! ولذلك فإن كثيراً منهم يكون عنده تصورات خاطئة وقناعات مغلوطة عن حقيقة الاستقامة مما يرونه من تصرفات بعض المتدينين في الظاهر.

(مقامات الدين التي يطالب بها العبد في الاستقامة:

[*] (قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مدارج السالكين:

«المطلوب من العبد الاستقامة وهي السداد فإن لم يقدر عليها فالمقاربة» فإن نزل عنها: فالتفريط والإضاعة. أهـ.

وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.

(حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: سددوا وقاربوا، واعلموا أنه لن يُدخل أحدكم عمله الجنة، وأن أحب الأعمال أدومها إلى الله وإن قل.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن الدين يسر و لن يُشادَّ الدين أحد إلا غلبه فسددوا و قاربوا و أبشروا و استعينوا بالغدوة و الروحة و شيء من الدلجة.

الشاهد: قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[سددوا و قاربوا]: فالسداد: الوصول إلى حقيقة الاستقامة، أو هو الإصابة في جميع الأقوال والأعمال والمقاصد.

وقوله: (قاربوا) أي: اجتهدوا في الوصول إلى السداد، فإن اجتهدتم ولم تصيبوا فلا يفوتكم القرب منه، فما لا يُدْرك كُلُهُ لا يُتْرَك جُلُه، فهما مرتبتان يطالب العبد بهما: السداد، وهي الاستقامة، فإن لم يقدر عليها فالمقاربة، وما سواهما تفريط وإضافة، والمؤمن ينبغي عليه أن لا يفارق هاتين المرتبتين، وليجتهد في الوصول إلى أعلاهما، كالذي يرمي غرضاً يجتهد في إصابته، أو القرب منه حتى يصيبه.

[*] (قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مدارج السالكين تعليقاً على هذا الحديث:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015