والله سبحانه وتعالى علمنا ونبهنا إلى أن كتابه الكريم هذا قولٌ فصل وما هو بالهزل، بل هو حقٌ وجد، ليس فيه سائبة هزلٍ بل كله جدٌ محض، هو فاصل بين الحق والباطل قد بلغ الغاية في ذلك، فليس بالهزل ولم ينزل باللعب، ويجب أن يكون مهيباً في الصدور: خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:63] خذوا ما ألزمناكم من.

(الاستمرار على الاستقامة والتقصير فيها:

المؤمن مُطَالَبُ بدوام الاستقامة، ولذلك يسألها ربه في كل ركعة من صلاته: قال تعالى: (اهْدِنَا الصّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) [الفاتحة: 6]، ولما كان من طبيعة الإنسان أنه قد يقصر في امتثال الأوامر واجتناب النواهي، وهذا خروج عن الاستقامة إذ الاستقامة هي المواظبة على التقوى بلزوم امتثال الأوامر واجتناب النواهي على الدوام، لذلك أرشده الشرع إلى ما يعيده لطريق الاستقامة، فقال تعالى مشيراً إلى ذلك: (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوه ُ) [فصلت: 6]، فأشار إلى أنه لابد من تقصير في الاستقامة المأمور بها، وأن ذلك التقصير يُجْبَرُ بالاستغفار المقتضي للتوبة والرجوع إلى الاستقامة.

وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها) كما في الحديث الآتي:

(حديث أبي ذر رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن.

الشاهد: قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[اتق الله حيثما كنت]: أي واظب على التقوى على الدوام وفي كل وقتٍ وحين، وهذه هي الاستقامة بحذافيرها.

[*] قال العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015