وهذه الأشياء سهلة بالقول وصعبة في التطبيق .. ، فبعض الناس يغفل وينسى مراقبة الله له، وينسى حديث ((اعبد الله كأنك تراه)) ..
ولله درُّ من قال:
إذا ما خلوتَ الدهرَ يوماً فلا تقل ... خلوتُ ولكن قل عليّ رقيب
ولا تحسبنّ الله يغفلُ ساعةً ... ولا أن ما يخفى عليه يغيبُ
وأما مسألة معرفة ما في الحرام من المفاسد والآلام فإن الإنسان يكفي أن يتأمل فيما حصل للكبار، و ما حصل للأقوام السابقة، ما الذي أخرج الأبوين من الجنة؟ من دار النعيم واللذة والسرور إلى دار الآلام والأحزان .. ؟؛ المعصية .. ! .. فالحرام يترتب عليه مفاسد ومصائب ..
وما الذي أخرج إبليس من ملكوت السماء وطرده ولعنه ومسخ باطنه وظاهره فجعله في أقبح صورة وبدّله بالقرب بعداً وبالرحمة لعنة وبالجنّة ناراً تلظّى فهان على الله غاية الهوان وصار فاسقاً مجرماً قاد البشرية إلى كل فساد وشرّ؟؛ المعصية .. !
ما الذي أغرق أهل الأرض جميعهم حتى علا الماء فوق رؤوس الجبال .. ؟،
ما الذي سلّط الريح العقيم على قوم عاد حتى ألقتهم صرعى على سطح الأرض .. ؟
وما الذي أرسل على قوم ثمود الصيحة حتى قطّعت قلوبهم في أجوافهم .. ؟، ما الذي رفع قرية سدود .. قرية قوم لوط .. حتى سمعت الملائكة نباح كلابهم، ثم قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها، وأتبعها بحجارة وجعل مكانها شيئاً منتناً لا يكاد يوجد فيه حياة .. ؟،
وما الذي أرسل على قوم شعيب عذاب الظُّلّة، لما صار فوق رؤوسهم أمطرهم ناراً تلظّى .. ؟،
وما الذي أغرق فرعون وقومه في البحر ثم نقلت أرواحهم إلى جهنم تعرض عليها صباح مساء؟ فالأجساد للغرق والأرواح للحرق والموعد يوم القيامة .. !
فتأمل ما في الذنوب من الآلام والمصائب؛ يقود إلى التقوى ولو كان فيها لذّة ..
(ولله درُّ من قال:
تفنى اللذاذة ممن نال لذتها ... من الحرام ويبقى الإثم والعارُ
تبقى عواقبُ سوءٍ من مَغَبَّتها ... لا خيرَ في لذةٍ من بعدها النارُ
وكذلك فالإنسان لابد أن يتعلم كيف يغالب هواه وابتداءً من معالجة الخواطر، أول ما تأتي الخاطرة بالمعصية أو بالشر يطردها، وهذا هو العلاج الناجح؛ أن الإنسان يدافع الهوى والخاطرة ويتغلّب عليها، ولا بأس أن يفطم نفسه عن المعاصي ولو كان ذلك شيئاً مكروهاً بالنسبة له، فالصبر على الحرام ليس سهلاً بل فيه ألم لكن يعقبه لذّة وراحة يوم الدنيا ..