وقوله: «والرجوع إليه حالا كما رجعت إليه إجابة"».
أي هو سبحانه قد دعاك فأجبته بلبيك وسعديك قولا فلا بد من الإجابة حالا تصدق به المقال فإن الأحوال تصدق الأقوال أو تكذبها وكل قول فلصدقه وكذبه شاهد من حال قائله فكما رجعت إلى الله إجابة بالمقال فارجع إليه إجابة بالحال.
قال الحسن رحمه الله: "ابن آدم لك قول وعمل وعملك أولى بك من قولك ولك سريرة وعلانية وسريرتك أملك بك من علانيتك".
(فضائل منزلة الإنابة:
مسألة: ما هو فضائل منزلة الإنابة؟
(للإنابة فضلٌ عظيم وأجرٌ جسيم، فهي نعمةٌ عظيمة، وَمِنَّةٌ جسيمة، نعمة كبرى، ومنحة عظمى،، له فضائل لا تحصى، وثمرات لا تعد، وله أهمية كبرى، وثمرات جليلة، وفضائل عظيمة، وأسرار بديعة، وهو طريق النجاة، وسلم الوصول، ومطلب العارفين، ومطية الصالحين، ومن أعظم ما تكلم عنها العالم الحبر العلامة الضياء اللامع والنجم الساطع الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى، فقد كان من حلية الأولياء وأعلام النبلاء وحراس العقيدة وحماة السنة وأشياع الحق وأنصار دين الله عز وجل، حاملُ لواء السنة وناصرها وقامع البدعة ودامغها.
[*] (قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مدارج السالكين:
فإذا استقرت قدمه في منزل (التوبة) نزل بعده منزل (الإنابة) وقد أمر الله تعالى بها في كتابه وأثنى على خليله بها فقال: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ} [الزمر: 54]
وقال تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} [هود:75] وأخبر أن آياته إنما يتبصر بها ويتذكر أهل الإنابة فقال تعالى: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا} إلى أن قال {تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ} [ق: 8،6]
وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقاً وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَنْ يُنِيبُ} [غافر:13]
وقال تعالى: {مُنِيبِينَ إليه وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [الروم:31].
(فمنيبين) منصوب على الحال من الضمير المستكن في قوله {فَأَقِمْ وَجْهَكَ} لأن هذا الخطاب له ولأمته أي أقم وجهك أنت وأمتك منيبين إليه نظيره قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [الطلاق:1] ويجوز أن يكون حالا من المفعول في