بل إن هناك من ينتحر بلا سبب ظاهر، ويبقى السبب الأول للانتحار وهو الكفر بالله، وما يستتبعه من الضنك، والشدة، وقلة التفكير في المصير.
والغريب في الأمر أن نسبة كبيرة من المنتحرين ليسوا من الفقراء؛ حتى يقال: إنهم انتحروا بسبب قلة ذات اليد، وإنما هم من الطبقات المغرقة في النعيم والبعيدة الصيت والشهرة، والرفيعة الجاه والمنصب، بل وينتشر في طبقات المثقفين.
ومما يلفت النظر أن أشد البلاد انحلالاً أكثرها انتحاراً.
ومن الأشياء التي استحدثوها لمحاربة التخفيف من الانتحارات المتزايدة إنشاءُ مركز يتلقى مكالمات المُقْدِمين على الانتحار، أو من لديهم مشكلة عاطفية، أو الذين يعانون من ضيق الصدر.
وهذه الخدمات تقدم ليلاً ونهاراً وبالمجان.
والعجيب في الأمر أن يكون للانتحار مؤيدون وأنصار، حيث تكونت في بريطانيا جمعية للمنتحرين، وأصدرت كُتَيِّباً وأخذت توزعه على أعضائها الذين يحبذون ويؤيدون حق المرضى بالانتحار عندما يتألمون، وعندما يقرر الطبيب أن حالتهم ميؤوس منها.
وقد نَص الكتيب على الوسائل السريعة والفعالة وغير المؤلمة التي يمكن أن تساعد الساعين إلى الانتحار على تنفيذ رغبتهم!.
فلماذا ينتحر هؤلاء؟ ولماذا يستبد بهم الألم، ويذهب بهم كل مذهب؟
والجواب: أنهم فقدوا السبب الأعظم للسعادة، ألا وهو الإيمان بالله عز وجل فلم تغن عنهم حريتهم شيئاً، ولم يجدوا ما يطفىء لفح الحياة وهجيرها وصخبها؛ فلا يكادون يحتملون أدنى مصيبة تنزل بهم.
فهل اطلع على تلك الحال من يريدون أن تكون بلاد الإسلام كتلك البلاد تهتكاً، وتوقحاً، ودعارة، وفساداً؟
وهل يريدون أن يكون مصير بلاد الإسلام كذلك المصير؟
إن كانوا لم يطلعوا فتلك مصيبة، وإن كانوا مطلعين فالمصيبة أعظم.