إحداهن كانت تدرس معي في نفس الفصل .. أخبرتها بالأمر طالبة المشورة ـ و بئس المستشار ـ فلم تتردد في تشجيعي في السير في ذلك الطريق بكل عزم وإصرار، لا سيّما وأن هذا الأمر بالنسبة لها شيء هيّن، أما أنا فهو عندي شيء غريب لا أعرفه، ولم أجرّبه قط في حياتي .. الشيء الغريب الذي أستغربه من نفسي هو: كيف أنّني استمعت إلى نصائحها الشيطانية، مع أني أخاف هذا النوع من المكالمات الهاتفية خوفاً شديداً .. حقاً إنه شيء غريب .. لا أدري أين ذهب عقلي آنذاك .. لقد نسيت مراقبة الله لي، بل لقد نسيت نفسي، حتى غاب عني الشعور بالخوف من الله، وزالت عني الرهبة من تلك المكالمات فأصبحت وكأنها شيء لا حرج فيه، أو كما صورته لي صديقتي أنه مجرد لهو، وتسلية، وتنفيس عن النفس!!، ونسيت المصادر الأساسية الواجب تحكيمها، كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كل ذلك غاب عني في تلك اللحظات، وبما أنني قد عرفت أن هذا الشيء منتشر بين الشباب والفتيات، قلت في نفسي: ولِمَ لا أجرّب ذلك، فربما أجد فيه السعادة التي أبحث عنها .. .

وبالفعل .. بدأت علاقتي الهاتفية مع ذلك الشابّ (الذئب)، فكنت في كل صباح أنقل لزميلتي في المدرسة كل ما يجري بيني وبينه من أحاديث وأحداث، فكانت تشجعني، وترشدني إلى بعض الأقوال والتصرفات، وأنا أنقل له على لساني ما كانت تقول لي، حتى إني بعد توبتي وتذكري لتلك الأيام شعرت وكأني كالبلهاء أسمع كلامها، أو كالخاتم في يدها تديره كيف شاءت ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015