جاء في مجلة الهداية الإسلامية الجزء السابع من المجلد الأول ما نصه: تروتسكي يعتنق الإسلام في بيئة تجهل الإسلام.
وتحت هذا العنوان كتبت: نقلت الصحف خبر اعتناق تروتسكي الزعيم البولشفي للإسلام وهو منفي في تركيا، وجاء في حديث إسلامه أنه على إثر شفائه من مرضه في الأستانة دعا مفتي الأستانة فأجاب دعوته، وشهد اجتماعهما مندوب جريدة وقت التركية، فقال تروتسكي: كنت يهودياً غير أن مبادئي لم ترق لبعض الحاخامين فحرموني من ديانتي، ولكني لم أُعِرْ حرماني هذا اهتماماً كثيراً؛ لأن مبادىء الدين الإسرائيلي لم تكن لتروقني فلم أحْتَجَّ، ولم أعارض.
وأما الآن وأنا أتقدم في السن فإني أشعر كغيري من الناس بأني في حاجة إلى إيمان ودين سماوي، ففكرت في وقت ما أن أصبح مسيحياً غير أني عدلت عن ذلك؛ لكراهيتي اعتناق دين القياصرة المستبدين وراسبوتين الراهب الشرّير؛ فلم يبقَ أمامي غير الدين الإسلامي الذي دققت في البحث في شرائعه فوجدت فيه مزايا حسنة، منها أنه يحض على المناقشة والمباحثة في أصوله، ولذا سأعتنق الإسلام، وسيتناول فضيلة المفتي العشاء معي، ثم يبدأ بتلقيني الشرائع الإسلامية (?).
وبعد إيراد هذا الخبر علق صاحب مجلة الهداية الإسلامية الشيخ محمد الخضر حسين على هذا الخبر قائلاً: يحدثنا تروتسكي أنه اعتنق الإسلام بعد أن دقق البحث في حقائق شريعته الغراء.
ومن نظر إلى أن تروتسكي نشأ في منبت غير إسلامي، وأُشْرِب مذهباً ذا مبادىء لا تلائم طبيعة الدين الحنيف، ثم وقع في بيئة أخذ مترفوها يفسقون عن الإسلام وثق بأن مثل تروتسكي إنما يسلم على سلطان من الحجة مبين.
ولا عجب أن يهتدي تروتسكي للإسلام، ويزيغ عنه نفر ترددوا على معاهد شريعته بضع سنين؛ فإن هؤلاء النفر لم ينظروا في حقائقه نظر الباحث النبيه، وما كانت تعاليمه إلا كالصور تقع على ظاهر قلوبهم دون أن تخالط سرائرها؛ فما هم من أولئك الذين يتجافون عنه بجهالة مطلقة ببعيد.
ولنا الأمل في أن تُصلح طرق التأليف والتعليم، فيسهل على كل ناشىء يدرس حقائق الشريعة أن يصل إلى لبابها، وينفذ إلى بالغ حكمتها.