وقبيل الفجر، ركبتُ السيارة وانطلقت في طريقي، وما هي إلا دقائق حتى غبتُ عن الدنيا ولم أفق إلا وأنا في المستشفى في حالة سيئة، قد كسرت ساقي اليمنى، وأصبحت بجروح كثيرة، بعد أن مكثت في غرفة الإنعاش ثمانٍ وأربعين ساعةً، فقد كان حادثاً شنيعاً حيث دخلتُ بسيارتي تحت سيارة نقل كبيرة، ومن رحمة الله بي أن كتب لي الحياة، ومنحنى فرصة جديدة، لعلي أتوب وأقلع عمّا أنا فيه، ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث.
نقلت من المستشفى إلى بيت والدي بالرياض، وفي البيت كنت أتعاطى هذه الحبوب النكدة.
قد تسألني وتقول: كيف تحصل على هذه الحبوب، وأنت على فراش المرض؟
فأقول: لقد كان أولئك الشياطين يأتون إليّ في البيت فيعرضون علي بضاعتهم، فأشتري منهم، بالرغم من حالتي السيئة.
بقيتُ على هذه الحال أياماً، حتى أحسست بتحسن بسيط، وكانت فكرة السفر تراودني حتى تلك اللحظة أملاً في إكمال دراستي المتوسطة.
وفي عصر أحد الأيام، وبعد أن تناولت كمية كبيرة من هذه الحبوب، خرجت أتوكأ على عكازي وأخذت أبحث عن سيارة تنقلني إلى المدينة، حاولت أن أوقف عدداً من السيارات إلا أن أحداً لم يقف لي، فذهبت إلى موقف سيارات الأجرة واستأجرت سيارة أوصلتني إلى هناك.
وهناك، بادرت بالتسجيل في إحدى المدارس المتوسطة بعد جهود بذلها عمي وغيره في قبولي، وحصلتُ على شهادة الكفاءة، وكنت أثناء الدراسة مستمراً على تعاطي المسكرات، إلا أنني تركتُ المخدرات ووقعتُ في الشراب (الخمر)، وفي الوقت نفسه كنت أقوم بترويج تلك الحبوب الحمراء، وبيعها بسعر مضاعف، ولم أكن أدرك فداحة هذا الأمر وخطورته، فقد كان همي جمع المال ـ أسأل الله أن يتوب عليّ ـ.
ثم وقعتُ بعد ذلك في الحشيش وأدمته، وكنت أتعاطاه عن طريق التدخين، فكنت أذهب إلى المدرسة وأنا في حالة هستيرية فأرى الناس من حولي كأنهم ذباب أو حشرات صغيرة، لكني لم أكن أتعرض لأحد، لأن الذي يتعاطى هذا البلاء يكون جباناً يخاف من كل شيء.
بقيت على هذه الحال سنتين تقريباً، وكنت آنذاك أسكن بمفردي في بيت يقع في مكان ناءٍ في طرف البلد.
وفي يوم من الأيام جاءني اثنان من شياطين الإنس الذين أعرفهم ـ وكان أحدهم متزوجاً ـ فأوقفت سيارتي وركبت معهم، وكان ذلك بعد صلاة العصر، فأخذنا ندور وندور في شوارع البلد.
وبعد جولة دامت عدة ساعات، أوقفوني عند سيارتي، فركبتها واتجهت إلى البيت فلم أستطع الوصول إليه، فقد كنت في حالة سكر شديد.