وكفنتني اجعل هذا الكتاب بين كفني وبدني فجعلت الكتاب بين كفنه وبدنه ودفنته معه فأخرج مالك الكتاب فقال الغاسل هذا الكتاب بعينه والذي قبضه لقد جعلته بين كفنه وبدنه بيدي قال فكثر البكاء فقام شاب فقال يا مالك خذ مني مائتي ألف درهم واضمن لي مثل هذا قال هيهات كان ما كان وفات ما فات والله يحكم ما يريد فكلما ذكر مالك الشاب بكى ودعا له.»
(توبة جندي صاحب قصر عن الغناء والملاهي:
[*] أورد ابن قدامة المقدسي في كتابه التوابين عن إسحاق الهروي قال «كنت مع ابن الخيوطي بالبصرة فأخذ بيدي وقال قم حتى نخرج إلى الأبلة فلما قربنا إلى الأبلة ونحن نمشي على شاطىء الأبلة في الليل والقمر طالع مررنا بقصر لجندي فيه جارية تضرب بالعود وفي جانب القصر في ظل القمر فقير بخرقتين فسمع الفقير الجارية وهي تقول كل يوم تتلون غير هذا بك أجمل فصاح الفقير وقال أعيديه فهذا حالي مع الله تعالى قال فنظر صاحب الجارية إلى الفقير فقال لها اتركي العود وأقبلي عليه فإنه صوفي فأخذت تقول والفقير يقول هذا حالي مع الله والجارية تردد إلى أن صاح الفقير صيحة وخر مغشيا عليه فحركناه فإذا هو ميت فلما سمع صاحب القصر بموته نزل فأدخله إلى القصر واغتممنا وقلنا هذا يكفنه من غير وجهه فصعد الجندي وكسر كل ما كان بين يديه فقلنا ما بعد هذا إلا خير ومضينا إلى الأبلة فبتنا وأعلمنا الناس فلما أصبحنا رجعنا إلى القصر وإذا الناس مقبلون من كل وجه إلى الجنازة كأنما نودي في البصرة حتى خرج القضاة والعدول وغيرهم وإذا الجندي يمشي خلف الجنازة حافيا حاسرا حتى دفن فلما هم الناس بالانصراف قال الجندي للقاضي والشهود اشهدوا أن كل جارية لي حرة لوجه الله تعالى وكل ضياعي وعقاري حبيس في سبيل الله ولي في صندوق أربعة آلاف دينار وهي في سبيل الله ثم نزع الثوب الذي كان عليه فرمى به وبقي في سراويله فقال القاضي عندي مئزران من وجههما تقبلهما فقال شأنك فأخذهما فاتزر بواحد واتشح بالآخر وهام على وجهه فكان بكاء الناس عليه أكثر منه على الميت.»
(توبة الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى: