فقال: خيرا رفع درجتي، قلت فما كنت تقول قبل موتك؟ قال هتف بي هاتف أجب الرحمن فأجبت، قلت فما فعل أبو عامر؟ فقال: هيهات أين نحن من أبي عامر حل أبو عامر في قبةٍ وطدها ذو العرش للناس بين جوار كالدمى خرد يسقينه بالكاس والطاس يقلن بالترخيم خذها فقد هنيتها يا واعظ الناس.»

(توبة دينار العيار عن المعاصي على يد والدته:

[*] أورد ابن قدامة المقدسي في كتابه التوابين أن رجلا «كان يُعْرَفُ بدينار العيار كانت له والدة تعظه ولا يتعظ فمر في بعض الأيام بمقبرة كثيرة العظام فأخذ منها عظما نخرا فانفت في يده ففكر في نفسه وقال لنفسه: ويحك كأني بك غدا قد صار عظمك هكذا رفاتا والجسم ترابا وأنا اليوم أقدم على المعاصي، فندم وعزم على التوبة ورفع رأسه إلى السماء وقال: إلهي إليك ألقيت مقاليد أمري فاقبلني وارحمني ثم مضى نحو أمه متغير اللون منكسر القلب فقال يا أماه: ما يصنع بالعبد الآبق إذا أخذه سيده؟

فقالت: يخشن ملبسه ومطعمه ويغل يده وقدمه، فقال أريد جبة من صوف وأقراصا من شعير وتفعلين بي كما يفعل بالآبق لعل مولاي يرى ذلي فيرحمني، ففعلت ما طلب فكان إذا جنه الليل أخذ في البكاء والعويل ويقول لنفسه ويحك يا دينار ألك قوة على النار كيف تعرضت لغضب الجبار وكذلك إلى الصباح، فقالت له أمه في بعض الليالي: ارفق بنفسك فقال دعيني أتعب قليلا لعلي أستريح طويلا، يا أمي إن لي موقفا طويلا بين يدي رب جليل ولا أدري أيؤمر بي إلى الظل الظليل أو إلى شر مقيل إني أخاف عناء لا راحة بعده وتوبيخا لا عفو معه، قالت فاسترح قليلا فقال الراحة أطلب أتضمنين لي الخلاص قالت فمن يضمنه لي قال فدعيني وما أنا عليه كأنك يا أماه غدا بالخلائق يساقون إلى الجنة وأنا أساق إلى النار، فمرت به في بعض الليالي في قراءته (فَوَرَبّكَ لَنَسْأَلَنّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [الحجر 92: 93] ففكر فيها وبكى وجعل يضطرب كالحَيْة حتى خر مغشيا عليه فجاءت أمه إليه ونادته فلم يجبها فقالت: قرة عيني أين الملتقى؟

فقال بصوت ضعيف: إن لم تجديني في عرصة القيامة فاسألي مالكا عني ثم شهق شهقة مات فيها فجهزته وغسلته وخرجت تنادي أيها الناس هلموا إلى الصلاة على قتيل النار فجاء الناس فلم ير أكثر جمعا ولا أغزر دمعا من ذلك اليوم.»

(توبة رجل عن حب مغنية شغلته عن الله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015