ولما دخل القلعة، وصار داخل سورها نظر إليه، وقال: (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ) [الحديد: 31]
ويواصل ابن القيم حديثه عن ابن تيمية فيقول: =وعلم الله ما رأيت أحداً أطيب عيشاً منه قط، مع ما كان فيه من ضيق العيش، وخلاف الرفاهية والنعيم، بل ضدها، ومع ما كان فيه من الحبس، والتهديد، والإرهاق، وهو مع ذلك من أطيب الناس عيشاً، وأشرحهم صدراً، وأقواهم قلباً، وأسرِّهم نفساً، تلوح نضرة النعيم على وجهه.
وكنا إذا اشتد بنا الخوف، وساءت منا الظنون، وضاقت بنا الأرض أتيناه، فما هو إلا أن نراه، ونسمع كلامه، فيذهب ذلك كله، وينقلب انشراحاً، وقوة، ويقيناً، وطمأنينة؛ فسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقائه، وفتح لهم أبوابها في دار العمل، فآتاهم من روحها، ونسيمها، وطيبها_ما استفرغ قواهم لطلبها، والمسابقة إليها (?).
(أروع القصص للتائبين:
إن قصص التائبين لها تأثير بالغ في ترقيق القلوب لأنها تهز القلوب وتجعل الإنسان منحوب ويقلع عن الإثم والحوب ويهرع إلى علام الغيوب، هي قصصٌ تُفري الأكباد وتذيب الأجساد وتحملُ على الجد والاجتهاد والتشمر لإعداد الزاد ليوم المعاد، قصصٌ تُبكِي الصخور وتشرح الصدور وتُجَافِيك من دار الغرور وتُحَفِزُكَ إلى فعل المأمور وترك المحظور والصبر على المقدور والبعد عن دواهي الأمور، عسى ربُك أن يرزقك عملاً متقبلاً مبرور، ترى في هذه القصص مدى صدق التوبة وجريان الدموع في التوبة والرجوع، فتأملها بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيها واجعل لها من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيها من غرر الفوائد، ودرر الفرائد، ونحن بتوفيق الله تعالى نذكر نوعين من قصص التائبين هما كما يلي:
أولاً: قصصٌ للتائبين من القرون السابقة:
ثانياً: قصصٌ للتائبين المعاصرين لأنها أوقع في النفس:
ودونك القصص بين يديك
أولاً: قصصٌ للتائبين من القرون السابقة:
وقد انتقينا بتوفيق الله تعالى أروع القصص وأبلغها من كتاب التوابين لابن قدامة المقدسي رحمه الله تعالى:
(توبة فتى من الأزدكان عن التأنث والتخنث: