وأخبر الله تعالى أنه يقبل التوبة من عباده، وأنه يعفو عنهم، بل يبدل سيئاتهم حسنات، قال الله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) [الشورى:25]، وقال: (إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) [الفرقان: 70].

ولم يوجب الله تعالى على التائب وضوءً ولا غسلاً، سواء كان محدِثاً حدثاً أصغر أو أكبر، لا قبل التوبة ولا بعدها، إلا إن تاب من كفر أو ردَّة.

قال علماء اللجنة الدائمة:

لا يلزم الغسل بعد التوبة الصادقة من المعاصي؛ لأن الأصل عدم مشروعية ذلك، ولا نعلم دليلاً يخالف هذا الأصل إلا إذا كانت التوبة من كفر فإنه يشرع لمن أسلم أن يغتسل؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أمر بذلك قيس بن عاصم لما أسلم "، رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وصححه ابن السكن. " فتاوى اللجنة الدائمة " (5/ 317).

(ما معنى التوبة من قريب:

مسألة: ما معنى التوبة من قريب والمقصودة في قوله تعالى (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً) [النساء: 17]؟

الجواب:

التوبة من قريب هي التوبة في الحياة ما لم يغرغر العبد، أي ما دامت روحه في جسده لم تبلغ الحلقوم والتراقي، فهنا تقبل توبته.

[*] (قال ابن رجب رحمه الله تعالى: وأما التوبة من قريب فالجمهور على أن المراد بها التوبة قبل الموت؛ فالعمر كله قريب، ومن تاب قبل الموت فقد تاب من قريب، ومن لم يتب فقد بعد كل البعد كما قيل:

فهم جيرةُ الأحياء أما قرارهم ... فَدَانٍ وأما الملتقى فبعيد

فالحي قريب، والميت بعيد من الدنيا على قربه منها؛ فإن جسمه في الأرض يبلى، وروحه عند الله تُنَعَّم أو تُعذَّب، ولقاؤه لا يرجى في الدنيا (?).

أما إذا عاين العبد أمور الآخرة، وانكشف له الغطاء، وشاهد الملائكة، فصار الغيب عنده شهادة فإن الإيمان والتوبة لا تنفعه في تلك الحال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015