ونحن إذا احتجنا إلى الاستفادة من خبرة الغرب، وتفوقه في الصناعات الآلية التي كانت سبباً في مجده وسيادته_فمن المؤكد أننا لسنا في حاجة إلى استيراد قواعد في السلوك والتربية والأخلاق التي تدل الأمارات والبوادر على أنها ستؤدي إلى تدمير حضارته، والقضاء عليها قضاء تاماً في القريب العاجل.

إننا في حاجة إلى مواد البناء؛ لأن لدينا من عوامل الضعف والهدم ما يكفي، ومن مصائبنا نحن الشرقيين أننا لا نأخذ المصائب كما هي، بل نزيد عليها ضعفنا فإذا هي رذائل مضاعفة.

ومع ذلك تجد من أبناء جلدتنا من لا يصيخون السمع إلى هداية الدين، بل هم يلحدون في آيات الله، فيميلون بها عن وجهها حيناً، ويجادلون فيها أشد المجادلة حيناً آخر.

في الوقت الذي يخضعون لهذه المزاعم الداعرة، ويرونها فوق النقاش والمراء.

هؤلاء قوم لا تقوم عندهم الحجة بالقرآن والسنة، ولكنها تقوم بهذه الظنون والأوهام؛ فإذا عارضتهم بالثابت من الشرع_وهم يزعمون أنهم مسلمون لووا رؤوسهم، وقالوا: نحدثك في العلم فتحدثنا في الدين؟ وكأن هذه الأوهام عندهم أثبت من الشرع المطهر.

أترى فرقاً بين هؤلاء وبين أمم خلت من قبلهم من الضالين كانوا يقولون إذا ذُكِّروا بآيات الله: (قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ) [الأنفال: 31]؛و قال تعالى: (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ) [النحل: 25]

وبالجملة فإن الحقيقة الماثلة للعيان تقول: بأن التبرج أقرب الوسائل إلى تلويث الأعراض، ونكد العيش، وأنه إلى ابتذال المرأة أقرب منه إلى كرامتها، وإلى عنائها أقرب منه إلى راحة بالها (?).

[*] (قال الأديب الكبير مصطفى صادق الرافعي: وما هو الحجاب إلا حفظ روحانية المرأة للمرأة، وإغلاء سعرها في الاجتماع، وصونها من التبذل الممقوت (?).

(وقال أيضاً: وأساس الفضيلة في الأنوثة الحياء؛ فيجب أن تعلم الفتاة أن الأنثى متى خرجت من حيائها وتهجَّمت؛ أي توقَّحت، أي تبذَّلت_استوى عندها أن تذهب يميناً، أو تذهب شمالاً، وتهيأت لكل منهما ولأيهما اتفق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015