(حديث ابن عباس رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: الكبائر: الشرك بالله و الإياس من روح الله و القنوط من رحمة الله.
(9) اليأس من توبة العصاة: فمن الناس من يكون فيه خير ونصح وحب للإصلاح، فتراه يحرص على دعوة العصاة أياً كانت معاصيهم، فإذا رأى من أحدهم إعراضاً عن النصح، وصدوداً عن الخير، وتمادياً في الغواية_أيس من هدايته، وأقصر عن نصحه، وربما جزم بأن الله لن يغفر له، ولن يهديه سواء السبيل.
وهذا الصنيع لا يصدر من ذي علم وبصيرة وحكمة؛ فمن ذا الذي أخبر هذا بأن الله لن يغفر لذلك العاصي؟ وما الذي سوغ له أن يحجر رحمة الله عز وجل.
وقد حذر النبي من ذلك بنص السنة الصحيحة كما في الحديث الآتي:
(حديث جندب بن عبد الله رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله عز وجل: من ذا الذي يتألى علىَّ أن لا أغفر لفلان إني قد غفرت له وأحبطت عملك)
(ومعنى يتألى عليَّ: أي يقسم ويحلف.
ثم كم من الناس من يتمادون في الغواية والإجرام، حتى يُظنَّ أنهم يموتون على ذلك، ثم يتداركهم الرحمن الرحيم بنفحة من نفحاته، فإذا هم من الأبرار الأخيار.
(10) الشماتة بالمُبْتَلَينَ: فمن الناس هداه الله من إذا رأى مبتلى بمعصية من المعاصي، أو رأى أبناء فلان من الناس قد أسرفوا على أنفسهم أخذ يشمت بهم، وينتقصهم، ويذمهم.
وما هذا المسلك برشيد؛ إذ هو من الغيبة المحرمة، ومن تزكية النفس بذم الآخرين.
ويخشى على من كانت هذه حاله أن يبتلى بمثل ما ابتلي به من سخر منهم.
فاللائق بالمسلم أن يكون أرجى الناس للناس، وأخوف الناس على نفسه.
وإذا رأى مبتلى أو سمع به أن يسأل ربه العافية، وأن يحمده حيث عافاه.
[*] (قال ابن مسعود - رضي الله عنه -:لو سخرت من كلب لخشيت أن أحوَّل كلباً (?).
[*] (وقال أبو حازم سلمة بن دينار: أفضل خصلة ترجى للمؤمن أن يكون أشد الناس خوفاً على نفسه، وأرجاه لكل مسلم (?).
(11) الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي وترك الطاعات: فهناك من يحتج بالقدر على معائبه وذنوبه، فيحتج بالقدر على ترك الطاعات، وفعل المحرمات.
فإذا قيل له على سبيل المثال: لمَ لا تصلي؟ قال: ما أراد الله لي ذلك، وإذا قيل له: متى ستتوب؟ قال: إذا أراد الله ذلك.