ولا ينفعه في عدم المؤاخذة بها جهله إذا كان متمكناً من العلم؛ فإنه عاصٍ بترك العلم والعمل؛ فالمعصية في حقه أشد (?).
ولهذا كان الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل بنص السنة الصحيحة كما في الحديث الآتي:
(حديثُ ابن عباس في صحيحِ الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: الشركُ في أمتي أخفى من دبيبِ النملِ على الصفا.
(حديث معقل بن يسار رضي الله عنه الثابت في صحيح الأدب المفرد) قال: انطلقت مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقال: "يا أبا بكر! للشرك فيكم أخفى من دبيب النمل".
فقال أبو بكر: وهل الشرك إلا من جعل مع الله إلهاً آخر؟ فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "والذي نفسي بيده، للشرك أخفى من دبيب النمل، ألا أدلك على شيء إذا قلته ذهب عنك قليله وكثيره؟ ". قال: "قل: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم".
(فهذا طلب الاستغفار مما يعلمه الله أنه ذنب، ومما لا يعلمه العبد.
ولذا كان يدعو في صلاته: اللهم اغفر لي ما قدمت، وما أخرت، وما أسررت، وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني؛ إنك أنت المقدم والمؤخر لا إله إلا أنت كما في الحديث الآتي:
(حديث عليٍّ الثابت في صحيح مسلم) قال: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا قام إلى الصلاة يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت.
وكذلك قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجلَّه، وأوله وآخره، وعلانيته وسره.
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقول في سجوده: "" اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره.
فهذا التعميم، وهذا الشمول؛ لتأتي التوبة على ما علمه العبد من ذنوبه، وما لم يعلمه (?).
(3) ترك التوبة مخافة الرجوع للذنوب: فمن الناس من يرغب في التوبة، ولكنه لا يبادر إليها؛ مخافة أن يعاود الذنب مرة أخرى.
وهذا خطأ؛ فعلى العبد أن يتوب إلى الله، فلربما أدركه الأجل وهو لم ينقض توبته.
كما عليه أن يحسن ظنه بربه جل وعلا ويعلم أنه إذا أقبل على الله أقبل الله عليه، وأنه تعالى عند ظن عبده به.