[*] قال العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي:

(أَقْبَلَتْ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ) شَبَّهَهَا بِالشَّيْطَانِ فِي صِفَةِ الْوَسْوَسَةِ وَالدُّعَاءِ إِلَى الشَّرِّ (فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ) أَيْ: فَلْيُوَاقِعْهَا

(فَإِنَّ مَعَهَا) أَيْ: مَعَ امْرَأَتِهِ

(مِثْلَ الَّذِي مَعَهَا) أَيْ: فَرْجًا مِثْلَ فَرْجِهَا وَيَسُدُّ مَسَدَّهَا،

والثاني: أن النظر يثير قوة الشهوة فأمره بتنقيصها بإتيان أهله؛ ففتنة النظر أصل كل فتنة كما ثبت في الصحيحين من حديث أسامة بن زيد_رضي الله عنهما_أن النبي"قال: =ما تركت بعدي فتنة هي أضرَّ على الرجال من النساء (?).

[*] (وقال ابن القيم رحمه الله تعالى مبيناً فوائد غض البصر: وفي غض البصر عدة فوائد:

أحدها: تخليص القلب من ألم الحسرة؛ فإن من أطلق نظره دامت حسرتُه؛ فأضر شيء على القلب إرسال البصر؛ فإنه يريه ما يشتد طلبه، ولا صبر له عنه، ولا وصول له إليه، وذلك غاية ألمه، وعذابه.

قال الأصمعي: رأيت جارية في الطواف كأنها مهاة؛ فَجَعَلْتُ أنظر إليها، وأملأ عيني من محاسنها، فقالت: يا هذا ما شأنك؟ قلت: وما عليك من النظر؟ فأنشأت تقول:

وكنتَ متى أرسلتَ طرفَك رائداً ... لقلبك يوما أتعبتك المناظر

رأيت الذي لا كله أنت قادر ... عليه ولا عن بعضه أنت صابر

والنظرة تفعل في القلب ما يفعله السهم في الرمِيَّة، فإن لم تقتله جرحته، وهي بمنزلة الشرارة من النار ترمى في الحشيش اليابس، فإن لم تحرقه كله أحرقت بعضه كما قيل:

كل الحوادث مبداها من النظر ... ومعظم النار من مستصغر الشرر

كم نظرةٍ فتكتْ في قلب صاحبها ... فتك السهام بلا قوس ولا وتر

والمرء ما دام ذا عين يقلِّبها ... في أعين الغِيْدِ موقوف على الخطر

يسر مقلته ما ضر مهجته ... لا مرحباً بسرور عاد بالضرر

والناظر يرمي من نظره بسهام غَرَضُها قلبه وهو لا يشعر.

قال الفرزدق:

تَزَوَّدَ منها نظرةً لم تدع له ... فؤاداً ولم يشعر بما قد تزودا

فلم أرَ مقتولاً ولم أرَ قاتلاً ... بغير سلاح مثلها حين أقصدا

وقال آخر:

ومن كان يؤتى من عدوٍّ وحاسدٍ ... فإني من عيني أُتيْتُ ومن قلبي

هما اعتوراني نظرة ثم فكرة ... فما أبقيا لي من رقاد ولا لُبِّ

وقال المتنبي:

وأنا الذي اجتلب المنيةَ طرفُه ... فمن المطالبُ والقتيل القاتل

الفائدة الثانية: أنه يورث القلبَ نوراً، وإشراقاً يظهر في العين، وفي الوجه، وفي الجوارح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015