(10) التهتك والتبرج والسفور: فذلك من أعظم محركات العشق؛ فهو سبب للنظرات الغادرة، التي تعمل عملها في القلب.
(11) المعاكسات الهاتفية: فهي من أعظم ما يجر إلى العشق؛ فقد تكون الفتاة حَصَاناً رزاناً لا تُزْنُّ بريبة، ولا تحوم حولها شبهة، وهي من بيت طهر وفضيلة، قد جلله العفاف، وأُسْدل عليه الستر.
فما هي إلا أن تتساهل في شأن الهاتف، وتسترسل في محادثة العابثين حتى تقع فيما لا تحمد عقباه؛ فربما وافقت صفيقاً يغْتَرُّها بمعسول الكلام، فَتَعْلَقُه، وتقع في أشراكه؛ ولا يخفى أن الأذن تعشق قبل العين أحياناً.
وربما زاد الأمر عن ذلك، فاستجر الفتاة حتى إذا وافق غرتها مكر بها، وتركها بعد أن يلبسها عارها.
وربما كانت المبادرة من بعض الفتيات؛ حيث تمسك بسماعة الهاتف وتتصل بأحد من الناس إما أن يكون مقصوداً بعينه، وإما أن يكون الاتصال خبط عشواء؛ فتبدأ بالخضوع له بالقول، وإيقاعه في حبائلها.
والحامل على المعاكسات في الغالب تساهل كثير من الناس في شأن الهاتف، أو الجهل بعواقب المعاكسات، أو من باب التقليد الأعمى، أو حب الاستطلاع، أو غير ذلك من الأمور التي يجمعها الجهل، وعدم النظر في العواقب، وقلة المراقبة لله_تعالى_.
والحديث عن المعاكسات الهاتفية وما تجره من فساد يطول ذكره، وليس هذا مجال بسطه.
والمقصود من ذلك الإشارةُ إلى أن المعاكسات الهاتفية من أعظم الأسباب التي تقود إلى العشق والتعلق؛ فَسَدُّ هذا الباب واجب متعين.
هذه على سبيل الإجمال هي الأسباب الحاملة على العشق.
(ذم العشق:
[*] (قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى في كتابه ذم الهوى:
اختلف الناس في العشق هل هو ممدوح أو مذموم.
فقال قوم هو ممدوح لأنه لا يكون إلا من لطافة الطبع ولا يقع عند جامد الطبع حبيسه ومن لم يجد منه شيئا فذلك من غلظ طبعه.
فهو يجلو العقول ويصفي الأذهان ما لم يفرط.
فإذا أفرط عاد سما قاتلا.
وقال آخرون بل هو مذموم لأنه يستأمر العاشق ويجعله في مقام المستعبد.
قلت: وفصل الحكم في هذا الفصل أن نقول أما المحبة والود والميل إلى الأشياء المستحسنة والملائمة فلا يذم ولا يعدم ذلك إلا الحبيس من الأشخاص.
فأما العشق الذي يزيد على حد الميل والمحبة فيملك العقل ويصرف صاحبه على غير مقتضى الحكمة فذلك مذموم ويتحاشى من مثله الحكماء.
(أما القسم الأول فقد وقع فيه خلق كثير من الأكابر ولم يكن عيبا في حقهم.