[*] قال الإمام ابن القيم - رحمه الله - في زاد المعاد (4/ 268): «وعشق الصور إنما تبتلى به القلوب الفارغة من محبة الله تعالى المعرضة عنه , المتعوِّضة بغيره عنه , فإذا امتلأ القلب من محبة الله والشوق إلى لقائه , دفع ذلك عنه مرض عشق الصور , ولهذا قال تعالى في يوسف: {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين} فدل على أن الإخلاص سبب لدفع العشق وما يترتب عليه من السوء والفحشاء التي هي ثمرته ونتيجته» ا. هـ (?).
(وقفة مع امرأةِ العزيز:
إنها المرأةُ المتكلمة التي هي أكفأ الناس على الخروج من الموقف كالشعرة من العجين في أحلكِ المواقف فتجد الجواب حاضراً على السؤال الذي يهتف به المنظر المريب، ليس هذا فحسب بل تخلع جُرْمَهَا وَتُلْبِسْه إنساناً بريئاً لتصرف التهمةَ عن نفسها.
قال تعالى: (وَأَلْفَيَا سَيّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [يوسف / 25]
وهنا يجب أن نحذر المسلمين من هذا السلاح الفتَّاك ومن هذا الداء العِضال الذي يفتك بصاحبه ويُدَمِر دينه ودنياه، مرض (الخروج من الموقف) لأنه سلاحُ يضرُ صاحبه ويدمره من ثلاثة أوجه هي:
(أولاً) يجعل صاحبه من أجرئ الناس على المعاصي اعتماداً منه على كفاءته في الخروج من الموقف حتى في أحلك المواقف، حتى في مواطن الريبة كما فعلت امرأة العزيز التي كانت أُمَّةً في هذا المجال، ويجعل صاحبه يُقْدِمُ على معصية الله تعالى في الخلوات ـ كما أقدمت امرأة العزيز على ذلك ـ الأمر الذي يُدمر نفسه ودينه ويجعل حسناته هباءاً منثوراً ولو كانت مثل جبال تهامة بيضاً بنص السنة الصحيحة، وتأمل الحديث الآتي:
(حديث ثوبان رضي الله عنه الثابت في صحيح ابن ماجه) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاً فيجعلها الله عز وجل هباء منثورا قال ثوبان يا رسول الله صفهم لنا جَلِّهِم لنا أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم قال أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها.