(درهم رباً يأكله الرجل وهو يعلم) أي والحال أنه يعلم أنه رباً أو يعلم الحكم فمن نشأ بعيداً عن العلماء ولم يقصر فهو معذور

(أشد عند اللّه من) ذنب (ستة وثلاثين زنية)

قال الطيبي: إنما كان أشد من الزنا لأن من أكله فقد حاول مخالفة اللّه ورسوله ومحاربتهما بعقله الزائغ. قال تعالى: {فأذنوا بحرب من اللّه ورسوله} أي بحرب عظيم فتحريمه محض تعبد ولذلك رد قولهم {إنما البيع مثل الربا} وأما قبح الزنا فظاهر شرعا وعقلاً وله روادع وزواجر سوى الشرع فأكل الربا يهتك حرمة اللّه والزاني يخرق جلباب الحياء اهـ. وهذا وعيد شديد لم يقع مثله على كبيرة إلا قليلاً. قال الحرالي: وإذا استبصر ذو دراية فيما يضره في ذاته فأنف منه رعاية لنفسه حق له بذلك التزام رعايتها عما يتطرق له منه من جهة غيره فيتورع عن أكل أموال الناس بالباطل لما يدري من المؤاخذة عليها في العاجل وما خبيء له في الآجل. قال سبحانه وتعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً} فهو آكل نار وإن لم يحس به. وكما عرّف اللّه تعالى أن أكل مال الغير نار في البطن عرف أن أكل الربا جنون في العقل وخبال في النفس {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان} وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه أحمد في الحطيم هكذا ذكره وكأنه سقط من قلم المصنف.

وهو مُجْمَعٌ على تحريمه، ولهذا من أنكر تحريمه ممن عاش في بيئة مسلمة فإنه مرتد؛ لأن هذا من المحرمات الظاهرة المجمع عليها.

{تنبيه}: (وللربا آثار نفسية وخلقية مدمرة؛ ذلك أن المرابي يستعبده المال، فيسعى للوصول إليه بكل سبيل دونما مبالاة باعتداء على المحرمات، أو تجاوز للحدود.

والربا ينبت في النفس الجشعَ، والظلمَ، وقسوة القلب. بل إن الربا يحدث آثاراً خبيثة في نفس متعاطيه وتصرفاته، وأعماله، وهيئته.

ويرى بعض الأطباء أن الاضطراب الاقتصادي الذي يولد الجشع الذي لا تتوافر أسبابه الممكنة_يسبب كثيراً من الأمراض التي تصيب القلب، فيكون من مظاهرها ضغط الدم المستمر، أو الذبحة الصدرية، أو الجلطة الدموية، أو النزيف في المخ، أو الموت المفاجىء.

ولقد قرر عميد الطب الباطني في مصر الدكتور عبد العزيز إسماعيل في كتابه (الإسلام والطب) أن الربا هو السبب في كثرة أمراض القلب (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015