يا بن آدم تفرغ لعبادتي: أي فرغ قلبك وأقبل علي وحدي، فتكون في كل أحوالك ناظراً إلى ربك سبحانه، مراقباً له، خائفاً منه، تعمل ما يرضيه سبحانه وتعالى، فهذا هو التفرغ لعبادة رب العالمين، فإذا فعلت هذا فالنتيجة هي ما جاء في الحديث حيث قال: أملأ صدرك غنى وأسد فقرك. فإذا امتلأ القلب غنى فلا يحتاج الإنسان إلى شيء بعد ذلك؛ لأن الغنى هو غنى القلب، فالإنسان إذا كان مفلساً لا شيء معه وقلبه غني فإنه سيشعر أنه ملك، وأنه أفضل من جميع من معه مال؛ لأن من معه مال يحتاج إلى أن يحرس ماله، أما هذا فلا يحتاج أن يحرس شيئاً؛ لأن القلب ممتلئ غنى، أما إذا ملأ الله قلب الإنسان فقراً وحاجة، فإنه سيشعر أنه فقير ولو كان من أغنى الناس؛ لأنه يحس أن ماله سينفد، وأن هناك أمراضاً يمكن أن تصيبه، فيظل يكنز ويكنز ولا يشبع أبداً. إذاً: الغنى هو غنى القلب والفقر هو فقر القلب، وربنا يعدك أنك إذا تفرغت للعبادة وأحسنت فيها فإنه سوف يملأ قلبك غنى، ولم ينته الأمر عند غنى القلب فقط، بل وفوق ذلك قال: أملأ صدرك غنى وأسد فقرك. أي: سأملأ القلب واليدين.

وإلا تفعل ملأت يديك شغلا: فالإنسان الذي يتباعد عن الله فيسمع المؤذن يؤذن فيقول: أنا لست فارغاً، بل ورائي شغل .. أريد أن آكل .. أو أريد أن أشرب، كيف أترك العمل وأنا محتاج إليه؟ فمثل هذا سوف يظل محروماً طول حياته.

ولم أسد فقرك: أي ستحس أنك فقير دائماً مهما كان معك من أموال كثيرة،

سبحان الله! البعيد عن طاعة الله سبحانه وتعالى يحدث له عكس ما يحدث للمتفرغ لطاعة الله سبحانه، فتجده كثير العمل، يشتغل هنا وهناك، وفي النهاية لا يجد معه شيئاً من الأموال؛ لأن الله يبتليه بالأمراض وبالإنفاق على العمال وغير ذلك، فلا يبقى معه شيء؛ لأنه ابتعد عن الله تبارك وتعالى.

تاسعاً: خالف هواك:

فليس أخطر على العبد من هواه، ولهذا قال الله تعالى: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ [الفرقان:43]. فلا بد لمن أراد توبة نصوحاً أن يحطم في نفسه كل ما يربطه بالماضي الأثيم، ولا ينساق وراء هواه، والهوى شر إلةٍ عُبِدَ في الأرض.

عاشراً: وهناك أسباب أخرى تعينك على التوبة غير ما ذُكر منها: الدعاء الى الله أن يرزقك توبة نصوحاً، وذكر الله واستغفاره، وقصر الأمل وتذكر الآخرة، وتدبر القرآن، والصبر خاصة في البداية، الى غير ذلك من الأمور التي تعينك على التوبة.

(كيفية التوبة من بعض الكبائر الشائعة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015